Sunday, February 24, 2008

نزهه ربيعيه

نزهة ربيعيه
....................
لوحه من روائع الابداعات الفنيه لجون وليام جودوارد تتميز كغيرها من ابداعات جودوارد بثبات عدد من السمات التي ميزت اعمال جودوارد من تاثر بالفن الاغريقي القديم بمميزاته و تيماته التي قل ان نجد اثرا اغريقيا الا وفيه هذه التيمات ، علي سبيل المثال وجود الحوائط الرخاميه تيمه ثابته في اعمال جودوارد و لا يمكن ان نجد عملا له الا و فيه وجود للرخام المنحوت او في المباني ،و كذلك ملابس سيدات جودوارد دائما ياتي تصميمها مشتملا علي تيمات زخرفيه تنتمي لهذه الحضاره و كذلك اسلوب تفصيل الملابس .
في اللوحه نجد سيده في منتصف العمر او في ثلاثينياته في نزهة خلويه في احضان الطبيعه و قد جلست علي الارض كانها في عالم اخر داخل نفسها لا خارج الحياة الواقعيه ، كانها تفكر في شيء يشغل بالها بشده و قد اتكات بزراعها الايسر علي فرش من جلد النمر و حولها مظاهر الطبيعه النابضه بالحياه ،و المتامل الجيد للمشهد يجد ان هناك مزاوجه جيده بين الطبيعه و الفتاه !! ففي كل منهما ( الطبيعه و الفتاه ) شيء من الاخر ، ففي الطبيعه بعض ملامح الفتاه ،و في الفتاه بعض ملامح الطبيعه!! توجد هذه الملامح في الشكلو المضمون ،و هذا ما سنوضحه في شرحنا التحليلي لهذه اللوحه
نري في تشكيل اللوحه انها تتكون من بنت جالسه كما نري في مكان فسيح او في بلكونه مطله علي مكان فسيح في تكوين اول للوحه ،و في الخلفيه نري الفضاء و تلال رمليه او جبليه صفراء اللون و مسطح مائي بلون السماء و قليل من الاشجار و هذه الخلفيه تصلح كمشهد فني وحدها و كذلك يصلح التكوين الاول كلوحه منفصله بخلفيه اخري ، لكنه علي هذا الوضع يعتبر في منتهي الدقه و الجمال و الاتقان
هذه اللوحه تم تلوينها بالكامل بلونين اثنين فقط هما الاصفر و الازرق و نادرا ما استخدم الفنان الوانا اخري فيها الا بغرض اتمام اللوحه وزياده في درجة الاتقان ،فنري مثلا اللون الاصفر و قد سيطر علي نصف اللوحه السفلي بالكامل(التكوين الاول ) كما نري امتداده في التلال الرمليه بالخلفيه (التكوين الثاني )،و كذلكنري الازرق و قد ملا السماء و بركة المياه بالخلفيه بالكامل ،و باندماج الاصفر و الازرق معا (الاخضر ) لون الفنان الاشجارالموجوده في الخلفيه و التي لها (المساحه الخضراء )امتداد في التكوين الاول من خلال نباتات الحوض المائي الذي تبدو حافته في اسفل اللوحه،و بخلاف هذا التوزيع اللوني فاننا قد نري الوانا اخري مثل البني الفاتح في جزوع الاشجار و كذلك البنفسجي الفاتح جدا في زخارف رباط الخصر و الارداف في ملابس الفتاه ، بخلاف تلك الهمسات اللونيه فالاصفر و الازرق لهما السياده التامه في كل اجزاءاللوحه
في توزيع الالوان نري ان الفنان قد لجا الي حيله فنيه كي يربط بين اجزاء اللوحه و لا يدع اعلاها ينفصل عن اسفلها و لا ينفصل تكوينها الاول في المقدمه عن تكوينها الثاني في الخلفيه ، فقد جعل للون الاصفر (المسيطر كلية علي الجزء السفلي من اللوحه ) امتداد بالجزء العلوي منها ، و كذلك فعل في اللون الاخضر الذي جعله يمتد كذلك في اسفل اللوحه مع وجوده في اعلاها ،و هذا التوزيع يضمن اتزان اللوحه اللوني ، فلا نشعر و نحن نشاهدها بثقل احد اجزائها اللوني علي الاخر و نراها في حالة استقرار،و مع حالة الاتزان المضونه هذه ياتي الازرق مالئا فراغ السماء كله و بركة المياه كي يدعم هذا الاتزان اللوني و يترك في اللوحه مساحه خاليه من التشكيل فيحافظ علي كيانها من الزحام و يمنع عنها العناصر التي قد تثقل اللوحه بتكوينات تضر و لا تؤيد قيمتها الجماليه و المعنويه
باختصار تبدو براعة الفنان المتمكنه جدا في تلوين لوحه كامله بلونين فقط و مع ذلك لا نري فيها أي علامة نقص قد ناخذها عليه او أي مراجعه للفنان قد تصحح من عمله الفني او تزيد من قيمته الفنيه ن و من ناحية التشكيل فقد حرص الفنان ان يرسم الفتاه في ابهي صوره ممكنه ، فهو قد اختار لملابسها الالوان الزاهيه التي تقترب من لون بشرتها و كذلك زين زراعها بسوار ذهب ملفوف حول زراعها فاظهر ليونة زراعها و جماله و كذلك رباط تحت الثدي و غرضه واضح ،و بالمثل طريقة الجلوس التي بينت كافة اعضاءها بصورة تامه ،و كرانيش ملابسها الجميله
نظره اخيره علي الملامح النفسيه للمراه فاعتقد انها تمثل الي حد بعيد الطبيعه التي تحيط بها !!فكما قلت لقد اخذت عن الطبيعه و اخذت عنها الطبيعه ، و هذا التبادل فيما بينها و بين الطبيعه يتم في المظهر و المضمون ، فالوانها هي نفسها الوان الطبيعه فكانها جزء من الطبيعه و كان الطبيعه جزء منها ، او كانها نبتت في الطبيعه كالاشجار المحيطة بها ،و كذلك نري في عينيها عمق في النظره و وجود مساحة واسعه خلفها بلن السماء الصافيه التي تخفي وراءها الكثير و البحيره التي لا نري الا سطحها توحي لنا بان الطبيعة هي الاخري من خلفها تنظر بذات النظره العميقه ، فكان خلف عينيها في السماء عينان للطبيعه تشاركانها نفس عمق النظره
من خلال تاملي لنظرة هذه الفتاه و ملامحها الجسديه اري انها خرجت منذ ايام قلائل من حالة حداد علي زوج فقدته و خرجت بعد ان انتهي الحزن بحثا عن زوج جديد ن فجسدها ليس بالجسد البكر و لا ملامح وجهها بالتي تدل علي امراه بلا تجارب ، فقد تزينت و حمرت خدودها املا في لقاء مع اخر يعوضها عن الذي اذهبه الموت ، بعد ان اقنعتها صاحباتها بضرورة الخروج و البحث فلايزال دم الطبيعه البكر يجري في عروقها كما يجري في عروق الطبيعه من حولها
........................
كتبها ذو النون المصري
..........................

No comments: