الفن و تنمية السلوك الاشتراكي 2

ان الفن وظيفة اجتماعيه خطيره فهو كالاسمنت الذي يربط النفوس بعضها ببعض ،و يقوي وحدتها ،و يؤلف بين اتجاهاتها ،و يدمج انفعالاتها ،و يجعل الناس في فتره معينه يحسون احساسا متالفا بامالهم المشتركه عن طريق توحيد انفعالاتهم ، فلنعط للفن هذه الفرصه ليحقق هذا الدور في مدارسنا فيساعد في توطيد امالنا و تحقيق مستقبلنا
......................................
و من طبيعة الفن عادة ان يمحو التعصب و يحطم الفواصل بين الناس ،و يسعي جاهدا الي ان يحس الفرد بانه ينتمي الي الانسانيه او الي مجموع كبير من الناس ، لا الي فئة قليلة منعزله .فالفن اصلا يوسع الافق و يقوي الروابط بين الناس ،و يرفع المتعلم من مستوي التابع الي مستوي القائد بل ان الفن يساعد علي تكوين عقليه عالميه لان الذي يحس بالتراث الفني الذي ينتمي الي البيئات المتعدده ،و الاجيال المختلفه انما يتحرر من التقيد بفئه ضئيله ،و يوسع في افقه و يفهم بالتالي القيم الانسانيه الاصيله التي لها صفة الدوام
........................................
من كتاب الفن و تنمية السلوك الاشتراكي
تاليف محمود البسيوني
سلسلة اقراء
دار المعارف
عام 1963
....................................

دونها ذو النون المصري

...........................

الفن و تنمية السلوك الاشتراكي 1

ورثنا من الاجيال الماضيه كثيرا من الوان الكبت و الضغط الانفعالي ،و كثيرا من الطعنات ،و الخوف بكل انواعه ،و لذلك فان من بين الوظائف الهامه يمكن ان يؤديها الفن في المدارس هو اتاحة الفرصه للتلاميذ للكشف عن مكبوتاتهم ،فحينما يفصح التلاميذ عن هذه الانفعالات المخزونه وليدة الماضي البغيض ،و التي تتضمن نوع الاستكانه و الرهبه و الاحساس بضرورة الاستسلام للامر الواقع علي انه لا يمكن تبديله . حينما تتفتت كل هذهالروح الانطوائيه داخل العمليات الفنيه فانما نعيد بالتالي الي المتعلم شيئا من صحته النفسيه
ان الفن يعيد اليا لناس صحتهم النفسيه ،و قد يتخذه البعض وسيلة لتشخيص بعض الحالات النفسيه الشاذه و علاجها ،و انما طبيعة الفن الاصيله هي في قدرته علي معاونة الانسان في اكتساب اتزنه النفس

...............................

كتبها ذو النون المصري

اللوحه للفنان الايراني مرتضي كاتوزيان

من كتاب الفن و تنمية السلوك الاشتراكي

تاليف محمود البسيوني

طبعة عام 1963

..............................ز

فتاه سودانيه

فتاه من السودان

..................
لوحه جديده من لوحات الفنان حسني سليمان يبدو فيها نفس الملامح التي ذكرناها في اللوحه السابقه(حاملة الفاكهه).في اللوحه نري ايضا بورتريه لبنت في وضع امامي كما نري في لوحاته غالبا ،و نري ايضا كثرة استخدامه للون البنفسجي سواء في ملابس البنت او في مفرش المنضده التي تتكيء عليها او في الوان الخلفيه التي تسود اللوحه بالكامل.
في اللوحه بنت يتضح من ملامح وجهها و لون بشرتها و نوع شعرها المجعد انها من اصول زنجيه ،و للعلم فان الفنان حسني سليمان تقريبا مفتون بتصوير البنات الافريقيات و يتضح ذلك بكثرة انتاجه في هذا الجانب فهو يري ان لهن جمال خاص لم يدركه الا القليل من الفنانين ،و ربما اختلفت الازواق معه كما اختلفت من قبل مع محب الجمال التاهيتي ،الفنان جويا ،حيث كان هو الاخر محبا لجمال بنات تاهيتي رغم ان زوقه بعيد تماما عن الزوق الحديث في هذا الامر
نري في اللوحه بنت ارجح انها سودانيه لان في ملامحها كما اري نوع من الاختلاط بين العرق الزنجي و عرق شمالي غير زنجي، ،نراها و قد استسلمت للافكار التي تراودها و ركنت راسها علي زراعها علي منضده بجوارها في حالة استرخاء او اعياء بسبب افكارها و التي فيما يبدو افكار مظلمه او مخيفه سببت لها بعض الكدر و المخاوف
تبدو عيناها في حالة تركيز شديد الي شيء غير معلوم علي الاقل لنا لكنه معلوم لديها لكنها ايضا مما لا يمكن الافصاح عنه
تجملت البنت و بدت في اكمل صورة تستطيع ان تصل اليها بامكانياتها الطبيعيه و غير الطبيعيه ، فصففت شعرها المجعد و جعلته اقرب الي الشعر الناعم الذي يميل اليه الرجال ،و جملت وجهها و الذي لا يخلو من ملامح جميله فعلا ، و لم تنسي اظافرها ،و كذلك لفت جسدها بملابس كشفت متعمده عن كتفها بالكامل في محاوله لابراز كل مواطن الجمال فيها نو هذه اللفتات و السوكيات التي ظهرت منها في المشهد الذي نراه توضح لنا ما ه الموضوع الذي يشغل فكرها و جعلها تتخذ هذا الوضع الساهم الحالم بافكار لا نراها، مؤكد ان ما يشغل بالها الان هو ما يشغل بال كل انثي في مثل سنها ، سن البلوغ و النضج
ما يشغلها الان هو ان تبدو جميله و ان تعرف و ان تري ، ان يعرفها و يراها شاب ، هو هم كل انثي و كل ذكر ايضا!!واضح جدا هذا الهم و حجمه من خلال نظراتها لبعيد ، لشيء ليس سهلا ان ندركه نحن الا اذا حللنا مشهدها

يغلب علي الوان اللوحه اللون البنفسجي و هو كثير الاستعمال لدي الفنان حسني سليمان ، و سوف نري له لوحات اخري كثيره يتضح فيها بجلاء ما نقول.لكننا سنري ان غلبة هذا اللون الوحيد علي اللوحه لم يخل بقيمتها و رغم سيطرته الكامله علي اللوحه الا انه لم يكن منفرا و لم يكن مملا في كثرته !! فقد لجا الفنان الي حيلة تنويع الملامس و التجاعيد باجزاء اللوحه حتي يبديها كانها متعددة الالوان و كي يكسر من سيطرة اللون الواحد دون ان يعدد الالوان و هي مهاره تحسب له
فنري مثلا في الخلفيه حائط بنفسجي غامق اللون شديد الخشونه و علي جسد البنت ملابس بنفسجيه ايضا فاتحة اللون فيها اضواء بيضاء ساطعه و هي متدرجة بين النعومه و الخشونه ،و علي المنضده نري لون بنفسجي متوسط الدرجه لكنه شديد النعومه و به ثنيات قليله جدا لكنها جميله جدا، كل هذا البنفسجي لم يكن مسيطرا علي اللوحه بل كان فيه تنوع واضح ، كما ان لون جسد البنت البني متنوع الدرجات اتي كانه فجوه في قلب البنفسجي تاخذ تركيز العين اليها بسهوله و يسر و هو ما اضاع علي البنفسجي فرصه اخري للسيطره علي الوان اللوحه كما ان اختيار البني تحديدا فيه بعد نظر لانه من الالوان القليله التي تبرز لاعلي بجوار البنفسجي و يتضح ذلك في جسد البنت اذ نراه كانه جسد فوق اللون البنفسجي كما ان شعرها شكل تغطيه جيده علي لون الجسد منعت زحف البنفسجي الي الجسد ذو المساحه الصغيره في اللوحه
هناك مهاره اخري اتقننها الفنان هنا ، لو كان اختار لونا للملابس غير البنفسجي لمان تجسيم البنت بدا اقل اتقانا مما هو حاليا ، لو كان احمر مثلا او ازرق ما اسطاعا لفنان ابراز جسم البنت خارج اللوحه و فوق البنفسجي كما نراه الان، فاللون البنفسجي للملابس باعتباره هو نفس لون الارضيه اعطانا فرصه لادراك الجسد بارزا و اي لون اخر غيره اعتقد ان قدرته علي ذلك ستكون اقل بكثير من البنفسجي
باختصار اللوحه مميزه جدا لفنان مميز

.....................

كتبها /ذو النون المصري

...................

قال جوستاف لوبون

قال "جوستاف لوبون "في كتابه

"السنن النفسيه لتطور الامم"

الكتب الحجريه هي اوضح الكتب ،و هي التي لا تكذب مطلقا ، و هي التي خصصت لها مكانا فائقا في

كتبي عن تاريخ حضارات الشرق لهذا السبب ،و لقد طنت شديد الحذر من الوثائق الادبيه لما تنطوي عليه من تضليل في الغالب و من فائده في النادر ،و المباني لا تخدع ابدا ،و هي تعلم دائما ،و المباني هي التي تحفظ احسن من سواها فكر الامم الغابره نو مما يرثي له عمي قلوب المتخصصين الذين لا يبحثون في المباني عن غيرالكتابات

..................................

طبعة سنة 1957 بدار المعارف

صفحة 98

......................

حاملة الفاكهه

لوحة من لوحات الفنان حسني سليمان و فيها نري بعض اثاره و مواطن تميزه كفنان تشكيلي،ففي لوحاته التي رايتها اراه يميل الي رسم البورتريه الشخصي لشخصيات مختلفه يري فيها بعض الملامح الجماليه و العلامات التي يمكن ان تستهويه كفنان

يميل الفنان حسني سليمان الي رسم المراه في مواطن النضال المختلفه ضد الطبيعه او ضد المجتمع او ضد الظروف المحيطه باختلاف انواعها ، فهو يرسمها مره غجريه تقسو عليها الظروف لكنها لا تقدر علي كسرها ،و يرسمها مره ام تحيا في الظل خلف الاضواء ،و مرة اخري يراها تتعرض للقهر الذكوري في لوحته "يا حرام" ،او يراها ساذجه كما في لوحاته الكثيره "كفتاه مغربيه ،و البدويه ،و الفتيات الافريقيات

الكثيرات التي رسمهن". باختصار هذه سيده من سيدات الفنان حسني سليمان

في اللوحه نري سيده في ثلاثينيات العمر ،و قد حملت علي راسها كالفلاحات المصريات فوق راسها سله بها انواع مختلفه من الفاكهه،و قد اسفرت وجهها و راسها معا و زاد سفورها الي الكتف . و قد اخذت الوضع الجانبي لا المواجه تماما للمشاهد كما في اغلب لوحات الفنان حسني سليمان

تكوين اللوحه الجمالي سوف نقسمه الي جزئين هما المكونان الريئسيان للوحه و هما يكونان اغلب مواطن الجمال فيها ان لم يكن كلها ، فاللوحه تنقسم الي منطقة الراس و فيها سلة الفاكهه و الجزء الثاني هو منطقة الجسم الذي يغطيه الزي البنفسجي اللون و الكثير التموج .ففيهما نري جمال اللوحه كله و نري بينهما كتف المراه و راسها و عنقها و هي منطقه عازله او فاصله بين الموطنين الجماليين في اللوحه

الجزء العلوي و يشمل سلة الفاكهه ،نري ان الفنان قد احسن في تنظيمها و ابراز اهم ملامحها الجماليه ،فهو قد حرص علي تنويع الالوان فيها بعدم استخدام الالوان الساخنه فقط و التي تكثر فيا لفاكهه فوضع بعض اغصان النباتات و احاط بها سلة الفاكههفي تنظيم جمالي واضح خفف به من حدة انتشار اللون الساخن في اللوحه كما انه وضعه كمعادل موضوعي للالوان البارده الاخري في اللوحه و التي تنتشر فيها علي هيئة جزر منعزله عن بعضها كما في ازرق غطاء القماش الفاصل بين راسها و السله و كذلك البنفسجي الفاتح الذي يميل ميلا مزدوجا الي الساخن و البارد من الالوان

ملابس المراه تفنن الفنان في التعبير عن جمالها بان موجها بصوره قد لا توجد اصلا في الواقع الا انها لا يمكن انكارها او نفي واقعيتها هنا في اللوحه لانها متماشيه تماما مع التكوين الكلي للعمل الفني .كما ان كثرة درجات اللون البنفسجي الناتجه عن كثرة التموجات في الملابس لها اثر واضح في زيادة قيمة اللوحه الجماليه حيث بلغت التموجات درجه من الدقه ان يتخيلها المشاهد كانها قماش حقيقي لا الوان علي قماش.كما ان الاضاءه الخلفيه زادت منوضوح هذه الثنيات في القماش و نوعتها ما بين المضيء و المظلم كما نري في الظهر و الصدر بالنسبه للمراه ،و اعتقد ان الفنان قد جمع شعر المراه حتي يتيح الفرصه الكافيه لظهور الكتف كما هو الان و هي لفته ذكيه منه ان كان حريصا هذا الحرص لاني اعتقد ان الكتف لو كان مغطي لكان للوحه اقل من نصف قيمتها الحاليه

نري ايضا الاضاءه قد زادت من وضوح ملامح السله و اوراق الغصن الاخضر و الفاكهه ايضا كما انها بينت ملامح الكتف اللامع الناعم للمراه نو ظهر فيها مدي حرص الفنان علي الدقه في رسم الملامح البسيطه في اللوحه

لون الخلفيه لم يؤثر سلبا علي القيمه الجماليه للشكل لان اللون البني بدرجاته منفصل تماما عن اللون البنفسجي بدرجاته و لا توجد بينهما اي صلة قرابه تجعل من وجودهما متجاوران شبهة تجانس قد تؤثر في الشكل كما انه قريب من لون الغروب و ليس هو الغروب نفسه و هذا افضل لان هذا الشكل لا يجب ان يكون مرسوما في العراء او الفضاء الواسع فهو كما اراه لا يصلح الا في مكان بين الاثنين (الغرفه و الفضاء )فكان في غرفه كانه في فضاء واسع او العكس

تبدو السيده في هذه الملامح كما لو كانت لا تحمل من هموم الدنيا الا كمثل تلك السله فوق راسها،هموم كالفاكهه في طعمها و في وزنها و هذه الحاله النفسيه تبدو اثارها واضحه تماما في لبسها و الوانه و طريقتة تفصيله المتموجه الداله علي حركة الحياة في كل اعضائها

..............................
كتبها /ذو النون المصري

.....................

البرنسيسه

هي لوحه من روائع جيوفاني بولديني و التي يتضح فيها اثره المتاثر بفن تصميم الملابس و الاستعراض الجمالي لسيدات المجتمع .اللوحه لسيده في نهاية الثلاثينيات من عمرها واقفه وقفه استعراضيه لجسدها كله امام فنان يرسم لوحة لها و قد حرصت كما يبدو ان تظهر كل ملامحها الجماليه ،فنراها و قد اتجهت بجسدها للامام بينما استدارت هي بوجهها للخلف و ساق تلتف حول اخري و زراعين ممدودتين باتجاهين مختلفين و تسريحة شعر في منتهي الجمال و جزع مشدود للخلف لابراز الصدر للامام

هذه الوقفه حققت لها ما ارادت بالفعل فقد ابرزت بها صورتها الجماليه في اكمل حالاتها ،فقد ظهر زراعاها كانهما منحوتان في المرمر لا من لحم و دم كما انحسر ثوبها عن كتفها ليعلن عن جمال الكتف ايضا بعد ان اعلنت بقصد عن جمال زراعيها و شدها لجزعها للخلف ابرزعن قصد مدي جمال صدرها و كشف ايضا عن جزء منه ،و استدارتها اظهرت مدي دقة خصرها و جماله وجعلت ثوبها ملفوفا علي نصفها الاسفل و الذي ظهر التفافه ايضا تحت الثوب ،فبدا ثوبا ملفوفا علي جسد ملفوف و هي لفته ذكيه جدا منها او من الفنان اذا كان هو المسؤل عن هذه الوقفه

كما ان الوقفه نفسها تظهر مدي جمال هذه السيده التي يبدو عليها اثر الثراء و ايجابياته دون سلبياته من الاخلاق الذميمه

اللوحه بديعه جدا ،فالفنان اختار هذه المره الوان ليست سوداء لانها لا تليق بالسيده هذه المره ،فقد راي لها الالوان الحيه الفاتحه افضل لها لابراز مدي جمالها ،فكان اللون البمبي المائل ميلا قليلا نحو البنفسجي المحمر،و في هذا اللون بعض علامات الحياة و البهجه و السرور النفسي

تسريحة شعر السيده ملائمه تماما لتفصيل ملابسها كما انها تنم عن شخصية محبه للحياة لا تزال تري فيها ما يستحق ان نعيش لاجله ،تري الحياة جميله محبه لكل جميل و تفصيل ملابسهاايضا لا يخفي ما لديها من جمال طبيعي و اكسبها الثوب جمالا اضافيها علي جمالها .و في الثوب نفسه ملاحظات جماليه كثيره ،فالورود علي الصدر بدرجه غامقه لنفس لون الثوب و تلوين الثوب بدرجتين للون واحد كل ذلك كسر من الملل الذي قد يتسبب فيه لون واحد للشكل كله

لون الخلفيه لا يتنافر ابدا مع لون الشكل في اللوحه رغم انها فاتحان الا ان الاختلاف نفسه بين اللونين منع اي تقارب بينهما و تقنية التنفيذ ايضا فارقت بينهما مما جعل الشكل يبدو بارزا عن الارضيه و ظل محتفظا بشخصيته بعيدا عن الارضيه بل ان الارضيه اكسبته جزء من هذه الاستقلاليه
..........................

كتبها ذو النون المصري

....................

عقد طويل اخر

في اللوحه السابقه ،ذات العقد الطويل حللنا الضرورة الفنيه لوجود عقد طويل جدا تلبسه المراه في اللوحه السابقه و هي لجيوفاني بولديني ايضا.و نري في هذه اللوحه ان العقد الطويل ايضا هو من اكثر الملامح اللافته للنظر في هذه اللوحه، فنري في هذه اللوحه سيده او النصف الاعلي لسيده في الاربعينيات من العمر فيها بعض ملامح جمال لكنها اقل بكثير من سابقتها ،و تلبس مثلها اللون الاسود و يبدو انه من القطيفه و هو نوع القماش المناسب لسنها و مستوي وقارها و جمالها

الاولي كانت تبدو فيها ملامح الروح المرحه دون التخلي عن الوقار و الحشمه الاخلاقيه المطلوبه لسيدة مجتمع ارستقراطيه ،اما هذه ففيها ملامح وقار اكبر و حشمه اشد دون التخلي عن روح محبه للحياة ،الاولي كان عودها لا يزال اخضر لكن هذه اشتد عودها نوعا ما فاكتسبت خبرات ظهرت علي ملامحها و هيئتها

الوان اللوحه يبدو فيها الشكل قريب في لونه من الارضيه و يكاد يتداخل معها،و بالفعل تداخل معها في بعض الاجزاء علي الجانب الايسر للوحه ،و يبدو ان طراز الملبس الذي ترتديه المراه برقبه طويله اراها اقل زوقا من سابقتها بدرجه كبيره نو اري ايضا ان تسريحة الشعر ليست متناسقه و لا متناسبه مع الملبس و لا وجه المراه فوجهها طويل فلو كان الشعر مسترسلا بدرجه اكبر لكان وجهها اجمل ،و نجد ان ياقة الزي تحت الفستان ظاهره بصوره معيبه من رقبة الفستان الطويله

و مع ذلك نري ان الفنان اتقن في بعض ملامح اللوحه !فالعقد الذي ترتديه المراه وزعه الفنان علي صدرها بصوره فنيه رائعه حيث كسر به حدة سيطرة لون واحد علي اللوحه او جسم المراه ، كما ان توزيعه بهذه الصوره المنتظمه اعطي اللوحه بعدا جماليا اكبر و كذلك الجوهره او الحليه في المنتصف لها نفس الاثر الجمالي و لها اثر في الشعور بالانتظام الغير مخل بجمال التوزيع

الخلفيه في اللوحه عملها الفنان مموجه بالوان غامقه فيها بعض ضربات الفرشاه بالوان غريبه عن اللون الاصلي لكنها اتت جميلة الشكل ن لكن كثرة اللون الغامق حول وجه المراه الفاتح جعله كانه يطل من كوه في حائط غامق اللون و لولا العقد لكان هذا هو الانطباع الذي يتركه الفنان لدي المشاهد و المتامل للوهلة الاولي لكن العقد كما قلت هو السبب في منع هذه الرؤيه

اراء في الفن الحديث"2".

كيف نفهم الفن؟

...................
كل شخص يريد ان يفهم الفن. لماذا لا ريد ان يفهم تغريد عصفور ؟.لماذا يحب الانسان الليل ،و الازهار ،و كل شيء حوله ، دون ان يحاول ان يفهم هذه الاشياء ؟في حين ان الناس تحاول ان تفهم ما هو التصوير .الا يعلم هؤلاء الناس ان الفنان يعمل بحكم قوة قاهره ،و ما هو الا شيء تافه من هذا العالم ،و اننا لا يجب ان نعطيه من الاهتمام اكثر مما نعطيه لاشياء كثيره تسرنا في هذا العالم ،دون ان نتمكن من تفسيرها ؟ ان الناس الذين يحاولون تفسير الصور كثيرا ما يضلون السبيل
ص106

............................
حياتي للفن
بيكاسو

.............
لست متشائما ،و لست اكره الفن لانني لا استطيع العيش بدون ان اهب له كل وقتي.انني احبه لانه الغايه الوحيده من حياتي ،و كل شيء اعمله مرتبطا به يعود علي بسرور كبير.و لكني مع ذلك لا اجد سببا في ان يتجه العالم كله نحو تعشق الفن و يتطلب اوسمته ،تاركا لغباوته الحبل علي الغارب .ليست المتاحف الا مجموعه من الاكاذيب ،و ليس اغلب اولئك الذين يجعلون من انفسهم اوصياء علي الفن ، الا جماعه من الافاكين .انني لا افهم لماذا نتطلب من الامم الثوريه تعصبا للفن اكثر مما نتطلبه من الامم المتخلفه . لقد لوثنا الصور في المتاحف بكل غبائنا ،و بكل اخطائنا، و بكل ما اصبنا به من فقر روحي ، لقد حولناها الي سخافات مبتذله مضحكه . لقد شغلنا باسطورة عن هذا الاعمال الفنيه التي تتكدس بها المتاحف بدلا من ان نحاول ان نتحسس الحياة الداخليه للبشر الذين صوروها .يجب ان يكون هناك ديكتاتوريه مطلقه ...ديكتاتورية المصورين ...ديكتاتورية مصور واحد..و ذلك للقضاء علي كل اولئك الذين خانونا ، و للقضاء علي المشعوذين ، و علي وسائل الخيانه ،و علي كثير من اللزمات ووسائل التصنيع ،و علي الجمال المظهري ،و علي حشد كبير من الاشياء الاخري .و لكن الفهم العام سوف تكون له الغلبه في النهايه .و مع ذلك يجب ان نعلن الثوره ضده فان الديكتاتور الحقيقي ينخذل دائما بديكتاتورية الفهم العام ...و قد لا ينخذل.
ص108

.................................

جين هيليون
متي يضمحل الفن؟

........................
الفن يضمحل اذا لم نبق عليه اساسا كلغه تعبر عن هذا الشيء المختفي في كيان الانسان ،و الذي يستتر وراء عينيه .اني اشعر و انا اصور كما لو كان هذا الانسان المختفي داخلي لا يكتسب حياته الا عن طريق المعالجه اليدويه للمواد التشكيليه ،وكما لو كانت هذه المواد التشكيليه هي جسمه الوحيد ،و كما لو كان نموها هو حياته المستقبليه ا لوحيده .اني اتعرف عليه عن طريق لغته ،و الفن ليس وصفا او تعبيرا او تعقيبا بقدر ما هو تحقيق لفكرة يتعاون الدافع للحياة في بنائها
ص125 و 126

..........................
تاليف محمود البسيوني

..............................

دونها ذو النون المصري

...........................

اراء في الفن الحديث"1"

من كتاب اراء في الفن الحديث

تاليف محمود البسيوني

.........................

اي عمل فني مبتكر يجب ان يعيش في كيان الفرد ،و يتاثر بشخصيته ،و حيويته ،قبل ان يخرج الي الجمهور المتفرج ليراه . و اذا لم يكن لدي الفنان اي شيء يقوله ،و استعان فقط باللغه اللتشكيليه ،و اهتم بصقلها ،و حبك علاقاتها ، فانه مهما اجاد سوف لا ينجح الا في تسجيله للمهارات ،و قد يصل فيها الي درجه عاليه من الحذق و لكنها حتما ستخلو من المعني الحي ، و ستفشل في ان تحرك وجداننا لانها لا تتضمن شيئا له صدي دفين فينا
ص 10 و 11
ان الفنان اذا فشل في بعث رؤيه جديده في عمله ،سيتصرف بصوره اليه ،و سيعيد بطريقه ميكانيكيه نموزجا قديما سبق انتاجه ،و سيصبح كالورق الحساس الذي يعكس صورة موجودة من قبل
ص23
الرؤيه الفنيه السليمه اذ تستند الي ماضي البشريه الفني بقدر ما تستند الي فهم ماضي الفنان الذي نتذوق اعماله ،و نحاول ان نكتسب منها الخبره الفنيه التي سجلها ،و اضاء بها الحياة
ص 27
الرؤيه الفنيه عمليه اجتماعيه

..................
كلنا نستمتع بالاعمال الجماليه استمتاعا تامليا هادئا ، و لكن بعد هذه المتعه نحب ان نتحدث عنها الي اصدقائنا و لذلك فان الرؤيه الجماليه و الاستمتاع بها تنطوي علي ناحيه اجتماعيه اذ ان كل شخص يحاول ان يشرك غيره فيما راي و احس ، فعند ذلك تتكون لدي الجميع احاسيس مشتركه تجعلهم اكثر تقاربا و تفاهما من ذي قبل .و تعتبر الاعمال الفنيه اكمل وسائل للاتصال غير المعوق بين الانسان و اخيه ،و بخاصة في هذا العالم الذي يمتليء بفجوات سحيقه ، و جدران تحجب الخبره المشتركه
ص32

................

ذات العقد الطويل

ذات العقد الطويل

.......................
لوحه من لوحات جيوفاني بولديني الفنان الايطالي المعروف و الذي يبدو في كل اعماله متاثرا بفن تفضيل الملابس و تفانين بيوت الموضه التي اشتهرت بها ايطاليا و بلدان اخري كفرنسا.اللوحه كباقي لوحات المجموعه فيها ارث الموضه و فنونها علي ملابس السيده و التي هي ايضا ارستقراطيه الهيئه و المنشا .في اللوحه سيده في ثلاثينيات العمر لا تمسك بيديها اي شيء ،واقفه في وضع استعراضي لكنه يبدو منها طبيعيا متناسبا مع ما يبدو عليها من جمال طبيعي واضح.وقفه فيها درجه من الغنج و الدلال تلائم درجة الجمال التي وهبها الله اياها، كما انها تلبس ملابسا تلائمها تماما .
الوان اللوحه تبدو فبها رقة الاختيار التي تدل علي زوق فني و رقه عاليه ،فنري ان الفنان قد زاوج بين الابيض المرمري النقي في بياض المراه و الاسود الحرير اللامع فكان التضاد بين اللونين مبرزان لجمال المراه و جمال الثوب في وقت واحد، كما ان وقفة المراه زادت من جمالها ،يبدو علي ملابس المراه بعض المساحات اللامعه لمعات بيضاء خاطفه من تاثير الضوء و ربما تاثير انعكاس لونها الابيض علي ثوبها الحرير الاسود و هذه الانعكاسات تكسر حدة اللون الاسود فلا تترك له مساحات سيطره واسعه قد تخل بجمال اللوحه او تبديه منتشرا اكثر مما يلزم او بصوره مبالغ فيها.و قد لجا الفنان الي حيله ممتازه لتحقيق نفسا لغرض و هي اطالة العقد الذي تلبسه المراه علي صدرها الي ما بعد منتصف جسدها ،و هي لمحه ذكيه من الفنان لانه بهذه الاطاله المبالغ فيها للعقد كسر من انفصال اللوحه الي شطرين علوي ابيض و سفلي اسود كما ان هذه الاطاله رغم انها مبالغ فيها الا انها لا تبدو هنا في موضعها الصحيح و لا مبالغه فيا علي الاطلاق فالمبالغه هنا مطلوبه و لها ضروره نفعيه و جماليه تزيد من مكانة صاحب اللوحه و تدل علي قدرته علي احكام العمل الفني
الثوب الاسود هو لون مفضل لدي بولديني و هو واضح من كثرة استعماله لهذا اللون و هو لون يبرز جمال المراه كما ان تفصيل الثوب بحيث انها ابرز به خصر المراه الدقيق قد زاد من جمال المراه موضوع اللوحه.و الاكسسوارات المضافه لملابسها ايضا سواء العقد الطويل جدا الذي تكلمنا عنه او البروش علي صدرها و الذي لفت النظر ايضا الي صدر المراه و ايضا بعض الحلي في زراعها الايسر و التي وضعت بحيث تلفت النظر في النهايه فلا تقطع مشاهدة الاجزاءالاهم في اللوحه و في نفس الوقت تلفت النظر اليها في النهايه ،اي ان مواضع لفت النظر لها ايضا ترتيب في اللوحه
في الخلفيه نري ان اللون الاسود له سيطره ايضا كما في الشكل المرسوم و له ايضا الوان اخري كسرت من حدة سيطرته علي اللوحه منعا لاقلال قيمتها الجماليه ،فنري الاسود له درجات متفاوته كما نري الكرسي خلفها ظهر بلون مخالف تماما لكل الوان اللوحه ، فظهر بلون ذهبي ،كما ان الحائط خلف السيده خططه الفنان ببعض الخطوط المموهه لشغل فراغ واضح في اللوحه كما ان الخطوط مموهه بغرض عدم لفت الانظار الي مكان غير مهم في اللوحه مما يشتت المتابعه عن الاجزاء المهمه فيها
السيده في اللوحه تبدو لها نظره فيها شيء من السكون و الهدوء عينان كانما تناديان شيئا من بعيد، رغم انهما تنظران لشيء قريب و امامها مباشرة الا انها لا تكاد تراه ، ثريه لا تكاد تتمني الا و تتحقق امانيها لكنها مع ذلك متعطشه في نظرتها الي ما لا يدرك بالمال و الثراء،تقف هنا و روحها في مكان اخر لا تصل اليه الاجساد و لا تصل اليهخ الارواح بسهوله.جسد جميل تسكنه روح جميله تري في الوجود جمالا لا يسهل ادراكه الا لاصحاب الارواح الثريه و ثراؤها غير ثراء المال
تنظر السيده_ و فيها ملامح نضج كانها شجره بكر لم تمسها يد انسان او جان_تنظر الي ناحية و جسدها متوجه الي ناحيه اخري ،كانه دلاله علي توجهين للسيده احدهما الي مصدر رؤيتها في هذا العالم ،الي العيون التي تشاهدها و جمالها و اتجاه اخر ترنو هي بجمالها اليه
...............................

كتبها/ذو النون المصري

...............