Tuesday, November 25, 2008

خطر المعرفه

لحظة ان رايت هذه اللوحه و امعنت فيها النظر و التامل ،تذكرت علي الفور كتابا كنت قد قراته منذ اعوام و عنوانه "خدعة التكنولوجيا" الفه علي ما اذكر "جاك الول" و كان مضمون الكتاب حسبما فهمته في يوم ان قراته ان الانسان في كبد ،و سيظل هكذا حتي النهايه .فالانسان الذي ابتكر الات كي تريحه بدنيا و توفر بعض مجهوده و تزيد ارباحه قد نتج عنها احتياجه الدائم المستمر الي فترات يرهق فيها بدنه بنظام كي يتلافي بعض اثار الراحه البدنيه علي الاعصاب ،فاسس مؤسسات رياضيه انفق فيها من الوقت مثلما وفره من ناحيه اخري كما انه انفق فيها من المال ما كسبه من التكنولوجيا.و من هنا فان الكاتب توصل الي ان التكنولوجيا خدعتنا او اننا خدعنا انفسنا بها دون ان ندري
و يوم ان تاملت هذه اللوحه بامعان فكر رايت انها ترد ردا قويا علي مقولة شائعة لدينا ،او هي بيت شعر تقول:و خير جليس في الزمان كتاب.و لقد علمت قبلها ان الكتاب بالفعل جليس لا تمل منه و لا يمل منك و يعطيك بلا مقابل ،لكن ..و لكن بعض هذه الكتب قد يستهتر من يقراها بارواح الناس بعد ان جالسوها مره او مرتين !!فلم يكن الكتاب لهم خير جليس !!بل كان مثل جليس السؤ الذي ذكره الرسول في حديثه اما ان يحرق ثيابك او تشم منه ريحا خبيثه. لكن هذا الكتاب لم يحرق ثياب جليسه فقط !!بل حرق بيوتا و ارواحا كثيره و لا زالت بعض الكتب تفعل فعلها في جلسائها حتي الان
لوحة مرتضي كاتوزيان بسيطه جدا في عناصرها التي تكونت منها ،الا انها تعبر عن معاني عميقه جدا و من السهل علي الانسان العادي ان يتاملها و يدرك ما ترمي اليه من معاني عميقه ،و اشرنا في شرحنا للوحته السابقه انه تميز بالجمع بين المتناقضات .فقد جمع بساطة التكوين مع العمق في المعني مع سهولة ادراك هذا المعني العميق!!كل هذه المتناقضات التي جمعها تدل علي تمكنه و براعته في التعبير الفني
تتكون اللوحه من ثلاث مجلدات ضخمه الثالث منها لا يكاد يبين في اللوحه،و هذه المجلدات يخرج منها دخان اسود كثيف اسودت بسببه السماء تماما فلا يكاد يظهر صفاؤها بسبب دخان الكتب وبين السواد الشديد تظهر الشمس حمراء كانها كتلة ناراوشكت ان تغرق في ظلام الشرق !!شمس توشك ان تشعل الارض بنارها لا ان تضيؤها بنورها كما يجب ان يحدث و
كان هذا الانقلاب بفعل مجموعة كتب..كارثه سببتها مجموعة كتب!!!
كل كتاب من الكتب الثلاثه تنفتح فيه سماء صافيه بديله كانت هي الاخري خدعه و شرك وقعت فيه الحمائم ا لبيض..حمائم السلام ،فحينما هربت الحمائم الاربعه من السماء التي سودتها الكتب الي الفضاء النقي الذي اوهمت بوجوده الكتب كانت المفاجاه انها وقعت في شرك خداعي فاصطدمت احداهن و سقطت ميته و الثلاث الاخريات لم يعد لهن مفر من السقوط في نفس الشرك.و كانت الخديعه المذدوجه بافساد الحياة و ايهام الحمائم بوجود حياة افضل من فعل مجموعة كتب.؟
الارض التي ترتكز عليها المجلدات الثلاثه خضراء اللون ،لكنه ليس الخضار الحي الذي يدل علي عصر من النماء و الازدهار !!بل هو اخضر يشبه لون عفن الطعام فزادت دلالة العمل الفني في الاشاره الي وجهه سنوضحها الان،لكن يجب ان ناخذ في حسباننا الصخره الموجوده علي هذه الارض فلها مشاركه في وضوح المعني.
هذه اللوحه تشير بلا مواربه الي موضوع التطرف الفكري في كل عصر و منهجه في نشر مذاهبه و كيفية ترويجها بين الشعوب المنغلقه علي افكارها ،فالمتطرفون اول ما يبداون دعوتهم ينشرون دخانا اسودا في السماء الصافيه و يقنعون الناس بانهم بالفعل لم يروا السماء الصافيه الحقيقيه بعد،ثم يبداون في المرحله التاليه بتسويد هذه السماء بدخان افكارهم اذا كان فيها مجال لامل يتمسك به الناس فيسفهون كل تيار موجود حتي تنتهي بالناس القناعه بان الساحه بالفعل تخلو من الصفاء
في المرحله التاليه يقومون بخلق سماءا اخري وهميه و يظن اضعف الناس عقلا انها يمكن ان تتحول الي سماء صافيه حقيقيه و من ثم يسارعون بالطيران اليهم و لا يدركون انه مجرد خيال من الاوهام و لا حقيقه لها فيكون السقوط مصيرهم واحدا تلو الاخر علي ارض خضارها عفونه كريهه مصطدمين بواقع فكري اخر صلب كالحجاره او اشد قسوه في ماساة تتكرر امامنا كل يوم
لوحة كاتوزيان هي ثاني لوحاته التي نقدمها له هنا في المدونه و يمكنك الرجوع للوحه السابقه فهي ايضا عن الكتب و الفكر
مع تحيات ذو النون المصري
تابعوا ما ندونه في فلسفة حياة و ذو النون المصري
..................