Monday, May 11, 2009

الشوق الي الماضي


الشوق الي الماضي
لوحة لايميل مونيير
زيت علي كانافاه
مقاس 177.8 * 127 سم
وقعها الفنان عام 1888
...........................

لوحات الفنان ايميل مونيير كما ذكرنا من قبل تتميز ببحثه الدائم عن اللحظات الزمنيه المفصليه بين زمنين ،او بين سياقين زمنيين مستمرين يفصل بينهما حدث مفصلي يلتقطه الفنان بعبقريته و يجمده في لوحة تجميد ابدي .في هذه اللوحه ام و ابنتها في بيت ثري كما يبدو من تجهيزات الاساس به و ملابس الام و ابنتها تدلان علي مستوي المعيشه اللتان تنعمان به ،كما ان عادة التصوير و الاحتفاظ بالذكريات ليست من عادات الفقراء او متوسطي الحال في هذا العصر.
التكوين المحيط بالام و ابنتها يعتبر بالغ الجمال و الثراء اذا نظرنا الي الوان الزخارف الجداريه و اشكال و انواع ستائر الحوائط و طرزها الراقيه جدا و فرش الارضيات و الاثاث .نري ان اللون الذهبي الثمين يسيطر علي اجواء اللوحة بانفراد تقريبا حتي اه يتحرك تدريجيا الي ان يصل الي بساط الارض و منها الي ملابس الام و الي البوم الصور في يدها صاعدا الي طوق نحرها و شعرها .و هذا التدريج في الانتقال باللون الواحد من الارضيه الي الشكل و بهذا التدرج يوحي في اللون ببعض الحركه و الحياة.
في اقضي يمين اللوحه و عن بعد توجد مساحة داكنة تحتها شعاعي ضوء تقابلهما في مقدمة اللوحة مساحة داكنه متمثلة في لوم ملابس الام النبيتي الداكن جدا ،و مساحة بيضاء ناصعه متمثلة في ملابس الابنة الابيض و هذا الحوار اللوني بين الشكل و الارضية يخلق حالة توازن لوني في اللوحة .
للون ملابس الام الغامق و الابنة الابيض دلاله علي امتلاء حياة الام بالاحداث امتلاءا كاملا و علي بداءة عهد الابنة بالحياة و الامها .و اذا نظرنا الي ملابسهما من الناحية الجماليه فان ملابس الام مصممة بعناية فائقه ليس من السهل التصديق بانها مرسومة ،فالنبيتي الداكن مع البنفسجي الفاتح و بينهما زركشة ذهبيه ،كلها الوان متناسقه جدا و الي ابعد الحدود حتي ليمكن اعتبار انه لو اختار أي الوان اخري لانتقص من قيمة اللوحة الجماليه درجات عده و لانتهي وجودها من تاريخه الفني،و بالاخص الزركشات الذهبيه و الحلي التي تزينها في ذيل الثوب و طوق الرقبه و طوق الشعر،و استكمالا لمسيرة الدقه المتناهيه يجب ان نضع في الاعتبار السجادات و الزجاج المعشق في اقصي نهاية اللوحة ،فكلها تدل علي براعة فائقه لا يمكن ان تتاح الا للندره من الفنانين.
تنظر الام هنا الي ابنتها كما ينظر كل مخلوق الي وليده باعتباره امتدادا له و مكملا لمسيرته الحياتية فهي توجهها باصابعها الي ماض امها كانه ماضيها هي باعتبارها ستكمل نفس خط السير ،و نلاحظ ان الام تشير الي صورة فوتوغرافيه كما لو كانت تشير الي احداث متحركة تجري داخل البوم الصور و دقة ملامح الام و كذلك ملامح البنت كلتاهما تحمل معاني يمكن قراءتها في الملامح و هي لا تخرج عن ما يمكن ان يقال بين ابنه و امها في مثل هذه اللحظات التي تستعاد فيها الذكريات.
هذه اللوحه كغيرها من لوحات ايميل مونيير يمكن من خلالها التعرف علي الكثير و قراءة الكثير من مجرد النظر الي لوحه.
.....................................
تابعوا مدنة فلسفة حياة و ذو النون المصري
.........................

2 comments:

Unknown said...

لوحة يملئها الاحساس
والاتقان الشديد والجميل الذى يجعلك تتأملها فى صمت وتفكير

تحياتى لانتقائك وذوقك الجميل

ذو النون المصري said...

نهر الحب
اشكرك جدا للمتابعه و الاهتمام
تحياتي