Friday, March 5, 2010

الفن التشكيلي و الانسان السوري



العلاقة بين الفن التشكيلي والجمهور السوري
موحن المهم أن نصنع متلقيا مثقفا، يساهم في زيادة وعي المجتمع الجمالي ولكن آخذين في الاعتبار ظروف المجتمع ساسياته.
ميدل ايست اونلاين بقلم: رضاب فيصل
الفن التشكيلي نتاج حضاري، وتعبير ثقافي له شروطه وقوانينه التي تميّزه عن غيره من النتاجات الأخرى والفنون الأخرى. فهو يعكس ذوق ووعي المجتمع كونه لغة عالمية قائمة على التواصل، بين الشعوب والعصور. وهو منتج حيوي مستمر، لا يمكنك أن تفصله عن المجتمع الموجود فيه، لأن العلاقة بينهما تبادلية من دون شك.
وجميعنا نعلم أن الفنون البصرية هي في الغالب نخبوية في كل المجتمعات وفي كل العصور، سواء كانت قديمة أم حديثة. هذه إشكالية تُحل مع تطور المجتمع وتنميته اقتصادياً وثقافياً، كما أنها عملية لا يمكن أن تكون فردية، ولا تخص الفنانين فقط، لأنها عملية جماعية تخص المجتمع بالكامل.
نشهد اليوم في المجتمع السوري ضعفاً يستحق البحث في العلاقة ما بين الفن التشكيلي وجمهوره "المتلقي". ففي أحسن الأحوال يقف المتفرج في معرضٍ أمام لوحةٍ صامتاً دون أي ردة فعل. ومهما حاولنا، فإننا لا نستطيع أن نزيل الجدار بين الفن التشكيلي وبين هذا المجتمع. فبالإضافة إلى أنه فن يحتاج إلى ثقافة نخبوية عالية لفهمه، تتدخل أسباب أخرى تكمن في المجتمع بحد ذاته:
ـ يعاني جزء لا بأس به من المجتمع السوري من صعوبات اقتصادية، تشغل باله وتثقل كاهله، إلى درجة أن غالبية أفراد المجتمع يركضون وراء كسب الرزق وينسون الأمور الأخرى كالفن والثقافة. ولا نستطيع أن نطالب شخصاً جائعاً أن يتابع أحوال الفن وأن يفهمه، أو أن نطالب البسيط الذي يعاني الكثير من الإشكالات والضغوط أن يفهم ما نضعه فيه.
ـ من الممكن أن نعتبر الوضع الديني، لدى فئة من الناس، عائقاً في بعض الأحيان. فكثيرون يعتقدون أن الرسم أو التصوير محرم دينياً الأمر الذي يدفعهم لمقاطعته.
ـ لم تنشأ تربية فنية جيدة، في المدارس السورية بكافة مستوياتها وفئاتها، وإن وجدت مادة الرسم فهي مادة شكلية، غير مكترث بها من قبل الطلاب وحتى الأساتذة. فالتربية والتعليم تساهم في تأصيل مشكلة غياب الوعي الجمالي، وفي كثير من الأحيان هناك مفاهيم خاطئة ينشرها المدرسون بين الطلاب حول الفنون الإبداعية.
ـ هجوم التلفزيون كعنصر إعلامي فني داخل البيت. مما يبقي الفرد داخل بيته غير آبه بالحركات الفنية خارجاً. وهذه إشكالية تشير إلى توجهات المجتمع نحو الثقافات الاستهلاكية. فمعظم الأشياء، أصبحت استهلاكية في مضمونها، أو
شكلها، ومادية وحسية إلى حد كبير.
ـ يميل غالبية الأشخاص إلى الرسم الواقعي المفهوم، والذي يستطيع أي شخص أن يفك رموزه ويقرأه، حتى وإن كانت هذه القراءة سطحية وأحياناً خاطئة، مما يغيّب أعمال المذاهب الفنية الأخرى، ويحول دون نجاحها في الوسط الفني والمجتمعي.
ـ غياب النقد الجدي والبناء في مجال الفنون التشكيلية، ذلك أن النقد يتطور بتطور الذوق العام. فهو يقوم على علاقة جدلية مع المجتمع الذي يحتويه.
ـ نشير أخيراً إلى أزمة الصالات التي تستقبل معارض الفنانين والمقصود هنا ليس قلتها، إنما نتحدث عن عدم وجود أسس واضحة في اختيارها للأعمال وللفنانين أيضاً، لأن غالبيتها تبني آلية عملها على أساس المعرفة والعلاقات الجيدة.
المطلوب أن نصنع متلقيا مثقفا، يساهم في زيادة وعي المجتمع الجمالي، ويجب ألا ننسى أن الإبداع يتطلع نحو الحرية دائماً، والإنسان الحر هو الإنسان المبدع والذي يهتم بالإبداع ويواكب تطوراته.
رضاب فيصل - ناقدة سورية
........................
.................

No comments: