Friday, January 9, 2009

سنعود

في لوحة سنعود للفنان الفلسطيني اسماعيل شموط ،يتجلي المه كانسان مطرود من وطنه مع الملايين من الفلسطينيين.قاللوحه التي تحمل هذا العنوان ،هي مجرد لوحه من العشرات التي تمثل حلم نوم و يقظة الفنان شموط و غيره من الفلسطينين .فاللوحة تمثل ساعة من اشد ساعات الالم الفلسطيني و التي يؤلم وقعها كما يؤلم ذكرها بالمثل .انها لحظة التهجير من الوطن الام الي ارض الشتات ببقاع العالم المختلفه.
اللوحه تجسد لحظة من لحظات الالم في ذاكرة عدد من الشعوب .ففيها تبرز لحظة سقطت فيها كل شعوب العالم العربي في موقف العجز عن نجدة البعض منهم او حتي توفير الماوي الملائم لهم.طريق طويل من البشر او ربما تيار طويل زاحف تنهبه الارض من بشر لهم ملامح مختلفه ووجوه يغلفها الفزع او التسليم لمصير غير معلوم.انها لحظة تهجير ،الي اين؟لا احد منهم بعلم.لكنهم باي حال بعين الله
في صدر اللوحه شيخ كبير يحيط طفلا يمسك بانية ماء بزراعه و يمسك بعصا يستند اليها و خلفه طفلا اخر يحمل اناء من الخوص ،ربما كحاوية طعام و الاولي للماء.و خلف هذا بنت شعرها اشعث من قلة الاهتمام و خلفها ام تحمل طفلا اخر علي كتفها و بجوارها ام اخري و خلفها اخرون و اخرون الي نهاية الافق الممتد حتي نهاية اللوحه.!!حتي نهاية الافق الناس ياتون ،لكن الي اين؟لا يعلمون. من يشاهد اللوحه يراهم قادمين من الافق الغير معلوم و لكن الذي يقف معهم سيري انهم ذاهبون ايضا الي الافق الغير معلوم ايضا.
في صدر اللوحه الشيخ الكبير يرتدي ملابس من طراز خاص بكبار ذلك العصر و تبدو عليه سيماء من يحوقل و لا يعترض علي قضاء الله و يدرك انه و غيره محفوظون بعناية الله .ملابس الشيخ متناسقة الالوان في غير توقع لشخص مهجر و مطرود مع شعب باكمله من ارضه لكن لا نستغرب اذا علمنا ان المطرودين لم يكونوا مطرودين لفقرهم و انما لانهم عرب و فيهم ذوي الاصل الكريم الكثير جدا و ذوي الغني اكثر فكان من نصيب الشيخ ميسور الحال ان يطرد و اهله دون ارضه و ماله و صيته الكريم الي مكان لن يكون له فيه شيء حتي الكرامه سيفتقدها و ربما كانت هذه هي القاضية بالنسبة له.
ملابسه القديمة متناسقه و الحاشيه الذهبيه في عباءته موصولة بالعمامه الذهبيه اتصال لوني جعل اعليالرجل باسفله موصولا و هو يعتبر التكوين الاكبر الذي يشمل اللوحه بكاملها.و قبضته و عصاه القريبتان من اللون الذهبي كسرتا من انتشار اللون الاسود في ركن اللوحه الايمن و ساهم في ذلك ايضا لون الارضيه القريب من اللون الذهبي.و علي يمين الرجل يسار اللوحه نري طفل بملابس خضراء يرفع راسه كالمتسائل عما يحدث و ملامح وجهه تنطق بالسؤال "الي اين نحن ذاهبون يا جدي؟" و كان الطفل يستغرب ان يعيش مع جده في يسار من العيش ثم يؤول مصيره و العائله الي هذا الضنك و العناء الذي اضطره الي حمل جرة ماء يشرب منها في هذا الطريق الطويل .و الجد الذي المته كثرة تساؤلات الحفيد يولي وجهه بعيدا و كانما يشكو الي الله قلة حيلته ووجهه يكاد ينطق بما يقول
خلف هذا الطفل طفلا اخر بملابس زرقاء و يحمل اناء خوص للطعام و يبدو انه ايضا تابع للجد فهو لاحق بهما متسائلا هو الاخر فاغرا فاه و بعينين جاحظتين يتساءل الي اين؟فيسار الحال التي كانوا عليها قبل الان تدفعهما الي السؤال لماذا يحمل اخي الماء و احمل انا الطعام و نهاجرو نترك يسار عيشنا الي حيث لا ندري؟ملامح الوجوه تكاد تقفز منها الاسئله المستنكره!!
خلف هذا طفله مشعثة الشعر ،اذ لا ضرورة لان تصففه فتصفيف الشعر لللمهجرين فضول عيش و شغل للبطالين لا يستحقونه هنا كاطفال و الملامح من هنا تكاد تختفي فكلما ابتعدنا ضاعت الملامح وكذلك الحال بالنسبة للمراه التي بعدها و كل من يلونها.و من هنا نعتقد ان الفنان قد قصد الي الشخصيات الثلاثه الاولي فقط لتكون موضوع لوحته و الباقي لابراز كثرة العدد و كثافة من تم تهجيرهم لابراز حجم الماساة الانسانيه التي تعرضوا لها ايام النكبه.
الللوحة في عموما من الناحية اللونيه تعتبر ممتازه لا عيب فيها و من ناحية التكوين كذلك،فالفنان لم يترك فيها مساحة الا و شغلها بمواطن مهاجر و عدد في الالوان و الملامح و مستويات المنظور كي يكثر من العدد و يوضح في مساحة ضئيلة ان شعبا باكمله قد تعرضوا لنكبه.و اللوحة بالفعل لا نعيش فيها مع محنة شخصياتها فقط بل انها تدفعنا الي ان نتامل واقع اخر حقيقي عاشه الشعب الفلسطيني كله من خلال شخصيات لوحة لفنان
كون الفنان نجح في نقلنا نفسيا من منطقة التامل الي منطقة الشعور ثم التعاطف ثم التفكيرواحدة تلو الاخري فان هذا يعني ببساطة ان الفنان قد نجح في نقل رساله و ان الرساله قد وصلت و تحقق المراد منها .ان ملامح شخصية الرجل تشير الي عنوان اللوحه بصدق .فاذا كانت ملامح الطفلين تتساءل الي اين؟فان ملامح العجوز تشير بايمان صادق و تؤكد "سنعود"
لوحة ممتازه لفنان صادق اعتقد انه يستحق لقب" فنان الشعب "في فلسطين

2 comments:

واحد من زمن الرسالات said...

واضح ان عندك روح فنان
بس بلاش صورة تكون فيها تجسيد لعورة امراة
واحد من زمن الرسالات

ذو النون المصري said...

تشكر علي التعليق
انا مدرس تربيه فنيه
و هوايتي الرسم و القراءه
تحياتي