Sunday, August 9, 2009

الناجين من المجازر

الناجين من المجازر

لوحة للفنانة الفلسطينية تمام الاكحل
......................
تعد الفنانة تمام الاكحل وزوجهاالفنان اسماعيل شموط من اغزر الفنانين الفلسطينيين انتاجا و اكثرهم شهرة و اشدهم اهتماما باشكالية الهوية الفلسطينية.و قضايا الصراع العربي الاسرائيلي .و تدور موضوعات الكثير من لوحاتها - ان لم يكن اغلبها بالفعل – عن الهم الفلسطيني اليومي الذي يقع في وحله الانسان الفلسطيني منذ عشرات الاعوام.
في هذه اللوحة تعبر الفنانه عن موضوع من الموضوعات الاليفة لدي الانسان الفلسطيني او من كان في قضائه ان يواجه الانسان الاسرائيلي وجها لوجه و كان في هذه المواجهة الطرف الاضعف. هذا الموضوع هو الناجين من المجازر!!و بالتاكيد لم يكن الطرف الاضعف في أي مواجهة مع الطرف الاسرائيلي الا ضحية مذبحة!!ا فهو احد اثنين ..اما ان الاسرائيليين ذبحوه في مجزره جماعيه كعادتهم ،او ناج من احدي هذه المجازر.
في هذه اللوحة نري مجموعة مكونة من خمس افراد ظاهرين و اخرين في الافق لا يمكن تمييزهم لشدة بعدهم في افق اللوحة.و عدم وضوحهم يعطينا فكرة عن الكثرة و في نفس الوقت يركز اهتمامنا علي المجموعه التي تتصدر واجهة المشهد و تعتبر موضوع اللوحة.
مشهد اللوحة مريع جدا فالوانه التي استخدمتها الفنانه بعيدة تماما عن الالوان الطبيعية الواقعية ،و قد هدفت الفنانه من استخدام هذه الالوان الي نقل واقع نفسي لا واقع مادي ،فالوجوه الخضراء بعيونها الغريبة الغير طبيعية بالوانها المختلطة ما بين الاحمر و الاصفر و خيوط الدم النازف بغير مبالاة و انعكاسات اللون الاصفر علي تلك الوجوه ..كل ذلك يشير الي ان هؤلاء الاشخاص قد دفنوا في مقابر بعد الموت لايام ثم خرجوا لسبب ما ،ربما كانت اعمال القصف هي التي ازعجتهم كموتي. او ان المجزرة قد مات فيها من مات و من خرج كان يشبه ان يكون ميتا كما في هذه الوجوه.
الافراد الخمسة يبدو كل منهم و كانه يعبر عن حالة خاصة من الاستنكار او الاستنجاد او الرعب او اللامبالاة .فالفرد البعيد في اقصي يسار اللوحة من اعلي يبدو بملابسه الزرقاء في جلسة القرفصاء و حوله النار و الدمار في كل مكان الا انه تقريبا في حالة من فقد كل شيء و لم يعد يهمه شيء و لا يخيفه شيء ،فجلس في حالة ذهول و لا مبالاة باعتبار ان ما حدث هو اقصي ما يمكن ان يتخيل حدوثه و يبدو انه فقد كل افراد عائلته فلم يعد يعبا بان يفقد نفسه ايضا.اما الاربعة الاخرون فقد تضاماو الي بعضهم البعض من شدة الرعب و لا يبدو انهم تجمعهم صلة عائلية ،فاثنان منهما منصرفان تماما الي شانهما الخاص و اتجها ببصرهما الي متامل اللوحة و كنهما بنظرتهما المباشرة الي وجهه يحملانه جزء من مسؤلية ما حدث لهما من جرم دليله لا يزال في ملامحهما التي تشوهت بفعل الرعب لا الاصابة المباشرة.اما المراة و الطفل الرضيع في يديها فقد اتجهت ببصرها الي السماء كمن تدعو ان ينظر الله الي حالهم و قد حملت طفلها علي زراعها ووضعت بحنوها الامومي يدها الاخري علي كتف اصغر الصبيين الاخرين الذين فيما يبدو من نظرتهما الذاهله انهما قد فقدا كل اسرتهما فضمتهما الي حضانتها في وقت لا يعرف فيه أي انسان مصيره خلال الدقائق او الثواني القادمة الا انها غريزة الرغبة في الاشتراك باكبر عدد ممكن في هم مشتكر لعله يخفض من هوله وعنفه.
في هذه اللوحة لم تلتزم الفنانة بسلامة النسب في رسم البشر ،فنري ان الوجوه مشوهة و بها استطالة كانها وجوه ماتت و اصابها بعض التحلل و كذلك الاكتاف الساقطة الي اسفل من ثقل الهم عليها كما في الصبي ذو الملابس الحمراء و اصابع المراة و الافواه الممسوحة و كانها مكممة طبيعيا فلا يمكنها الصراخ او التالم او حتي الشكوي ،و العيون المستديرة من شدة الجحوظ و الرعب .كذلك لم تلتزم بالالوان الطبيعية الصريحة فلونت البشر باللون الاخضر الدال علي النماء و الخصوبة في عالم النبات ،الا انه في هذا الموضع يدل علي العفونة و التحلل بعد الموت ، و كذلك الوان النار التي كست حتي لسماء،،كل ذلك كون حالة نفسية خاصة تجاه هذه اللوحة تشير الي قسوة اعمال المجازر الاسرائيلية تجاه ابناء الارض كما تخلق حالة تعاطف مع هؤلاء الاشخاص الافتراضيين في هذه اللوحة و بالتالي الي من يقفون موقفهم علي ارض الواقع الفلسطيني .

No comments: