Tuesday, February 15, 2011

الفارغون


...........

هي من روائع الفنانا العبقري "مرتضي كاتوزيان" و هي من الاعمال التعبيرية الرمزية التي تحوي من الكثير من المعاني السياسية و الاراء الاجتماعية في نوعية من البشر عاشت معنا ،ثم تكاثرت ،ثم _بعد ان اهملناها و تركناها تعيش بيننا بلا محاولة لاصلاحها _سيطرت علي كل مقدرات حياتنا .حتي لم نعد نشاهد نشرة اخبار الا و تطالعنا مناظرهم و صور وجوههم الكالحة ،و لا يكاد احدهم يعترف بفراغه لان الغرور الشديد الذي يصيب النفس الفارغة اذا ارتفعت قد اصابها بعد ان لم يعد هناك غيرها .

اللوحة تتحدث عن اناس سيطروا علي حياتنا فافسدوها بفراغ عقولهم ،و لا يمكن لنا اصلاحهم الا بثورة تطيح بهم من الوجود كله ،لانه لا توجد لهم العقول التي يمكن ان ترشدهم الي صواب يمكن ان يتعاملوا به معنا فتتحسن علاقاتنا بهم او تتحسن حياتنا في ظلهم ، لانهم فارغون ،فكيف سيملاون حياتنا بالخير؟لانهم فارغون فكيف سيملاون حياتنا بالتقدم الحضاري؟لانهم فارغون ،فكيف يمكن لهم ان يقضوا علي مشكلاتنا التي ترزح تحتها مجتمعاتنا منذ عشرات السنين؟ كيف يحل كل هذه المشكلات رجل فارغ ؟ كيف يقدر علي كل هذا الا رجل بصير مقتدر؟

من هنا كانت عظمة مشكلاتنا في ظلهم ،و لا امل لنا في الخلاص منها الا بالخلاص منهم؟

تعتمد اللوحة علي تكوين فني بسيط جدا ،فيوجد ثلاث اشخاص جالسون في ثلاث اوضاع مختلفة ،الاول في الوضع العادي و الثاني بدا يترنح في جلسته بينما انقلب الثالث تماما كانه مجرد بالون منتفخ حركه الهواء فقلبه راسا علي عقب ،هذه الشخصيات الثلاثة في الحقيقة ليست اشخاص بل هي مجرد ملابس انيقة منتفخة بلا اشخاص داخلها ،..ملابس فارغة.!!!و في الخلفية يوجد ظل اسود غير واضح المعالم لاحدهم ،و توجد كذلك اثار قرية بعيدة تبدو منها بعض الاشجار ،و يموج المشهد كله بالسحب النارية بالوانها الحمراء و البرتقالية و الصفراء و هذه الالوان هي الالوان التي تسيطر علي اللوحة كلها مع قليل من الظل الاسود.

القيمة الجمالية للوحة تنحصر في الدقة التي نفذت بها السحب بالوانها الغريبة ،و الملابس الانيقة التي نفذت و كانها خارجة من ارقي بيوت الموضة العالمية فرقيها اللوني و التصميمي واضح .

القيمة الفكرية للوحة تعتبر هامة جدا حيث قال لنا الفنان من خلال مشهد بسيط جدا الكثير من الكلام ،فاللوحة اشبه بالانذار لمن يفهمها من هؤلاء الفارغون و مدي خفتهم الحقيقية و ان كان منظرهم لا يدل علي فراغ فالانسان كما اراد الفنان ان يقول بما يحمله في نفسه من عزة و علم و ثقافة ،لا بما يحمله جسده من ملابس انيقة.كما يحذرنا الفنان من خلال عمله الفكري هنا من تولية هؤلاء الفارغون امورنا لان نتيجة ذلك الحتمية انهم سيسقطون في بحار الرذيلة التي سيسوقهم اليها فراغهم العقلي و الروحي ،كما انهم مؤهلون عن جدارة لتخريب اي مؤسسة يتولون امورها ،فليس لديهم العصمة العقلية التي تمنعهم من التخريب ،كما لن تمنعهم دونيتهم من العمل كعملاء لاعداء اوطانهم .

الوان اللوحة النارية لها دلالة علي الحياة اتي ستكون في ظل هؤلاء ،سنكتوي معهم بنار الاسعار و هذا اقل شيء ،و هناك نار الكوارث الناتجة عن الاهمال ،و نار العدو الذي سيسومنا سوء العذاب ،و نار الذل ،فلا كرامة لانسان في ظل امثالهم ،كما ان حياة هؤلاء تكون مغلفة باللون الاحمر سواء لون الخمر او تلك الليالي التي يسمونها بالحمراء و التي ترضي غرورهم ...فلا يمكن لهؤلاء الفارغون ان ينتصروا الا في مخادع النساء.

احد هؤلاء الفارغين ..اطاح به شعب تونس منذ ايام .

...................

كتبت هذه التدوينة بعد الاطاحة برئيس تونس بايام قلائل و انشرها الان بعد الاطاحة بمبارك بايام قلائل و كان الاطاحة به مفاجاة ازهلت الجميع ربما لن نفيق منها الا بعد وقت طويل..لا اصدق ما فعلناه لكنه حدث ...

.............

..........................................




No comments: