Tuesday, December 4, 2007

قال علي عزت بيجوفيتش


قضية اصل الانسان هي حجر الزاويه لكل افكار العالم .فاي مناقشه تدور حول كيف ينبغي ان يحيا الانسان ،تاخذنا الي الوراء الي حيث مسالة "اصل الانسان" .و في ذلك تتناقض الاجابات التي يقدمها كل من الدين و العلم ، كما هو الشان في كثير من القضايا
في الفلسفه الماديه يفكك الانسان الي اجزائه التي تكونه ، ثم يتلاشي في النهايه . و قد اوضح انجلز ان الانسان نتاج علاقات اجتماعيه او بدقه اكثر هو نتاج ادوات الانتاج الموجوده .الانسان ليس شيئا يذكر و لاهو خلق شيئا ، بل علي العكس ، انه مجرد نتاج حقائق معينه
لقد اخذ "داروين "هذا الانسان اللا شخصي بين يديه ووصف تقلبه خلال عملية "الاختيار الطبيعي" حتي اصبح انسانا قادرا علي الكلام ، و صناعة الادوات ، يمشي منتصبا .ثم ياتي علم البيولوجيا ليستكمل الصوره ، فيرينا ان كل شيء يرجع الي الاشكال البدائيه للحياة و التي بدورها ، عمليه طبيعيه كيميائيه ..لعب بالجزيئات . اما الحياة و الضمير و الروح فلا وجود لها ، و بالتالي ليس هناك جوهر انساني
اذا تركنا ذلك النموزج العلمي الحاد ، و هو نموزج يسهل فهمه وان كان باعثا علي الكابه _ اذا تركنا هذا جانبا لنتحول الي كنييسة "سكيستين "لنتامل في داخلها لوحات "ميكل انجلو" التي تمثل تاريخ الانسان منذ هبوطه الي الارض حتي يوم القيامه، لاصابنا العجب من معاني هذه الصور،و لتساءلنا :هل تحتوي هذه الصور بالفعل علي اية حقيقه عن الموضوع العظيم الذي تصوره ؟
ان الدراما الاغريقيه ، و رؤيا "دانتي " في الجنه و الجحيم ،و الاغاني الدينيه الافريقيه ،و استهلال "فاوست "في السماء ،و الاقنعه الميلانيزيه ،و الصور الجصيه اليابانيه القديمه ،و الرسوم الحديثه _جميع هذه الامثله اذا خرجت بدون تنظيم معين ، فانها جميعا تحمل في ثناياها شهاده واحده .فمن الواضح البين انه لا علاقة لها بانسان "داروين "
ان العلم يعطينا صوره فوتوغرافييه دقيقه للعالم ، وان كانت تفتقر الي بعد جوهري للواقع .انه بمنطقه التحليلي المجرد يجعل الحياة خلوا من الحياة و يجعل الانسان خلوا من الانسانيه.ان العلم في علاقته بالانسان ممكن فقط ،اذا كان الانسان جزءا من العالم اونتاجا له. بمعني اخر ، ان يكون شيئا .و علي عكس ذلك ، الفن ممكن فقط اذا كان الانسان مختلفا عن الطبيعه ،اذا كان غريبا فيها ، اذا كان هوية متميزه ، فكل الفنون تحكي قصة متصله لغربة الانسان في الطبيعه
ان داروين و ميكل انجلو يمثلان فكرتين مختلفتين عن الانسان و حقيقتين متعارضتين عن اصله ، و لن ينتصر احدهما علي الاخر ، لان احدهما مدعم بعدد هائل من الحقائق يستحيل تفنيدها ،بينما الاخر مستقر في قلوب جميع البشر
ان الكائن الانساني ليس مجموع وظائفه البيولوجيه و كذلك اللوحه الفنيه لا يمكن تحليلها الي كمية من الالوان و لا القصيده الي الالفاظ التي تكونها ،هناك فارق بين المسجد و بين المعسكر الحربي
..................................
عن كتاب/الاسلام بين الشرق و الغرب
تاليف /علي عزت بيجوفيتش
رئيس البوسنه و الهرسك
اللوحه للفنان سلفادور دالي