Tuesday, March 24, 2009

استراحة صانعة القش


استراحة صانعة القش
لوحة للفنان الفرنسي جوليس بريتون
المولود 1 مايو 1827 و المتوفي عام 1906
زيت علي كانافاه
نفذها عام 1872
......................
الفن هو حافظة الذاكرة البصريه التي منها نستطيع ان نستخرج ما يلزمنا منها متي شئنا و نستطيع ان نعتمد علي المعلومات البصريه الواردة من حقل الفن و نثق بها باعتبارها وثائق تحوي معلومات تستحق ان توضع جنبا الي جنب مع الوثائق الرسميه المقروءه ،بل لا ابالغ اذا وضعناها قبل الوثائق المقروءه في توثيق نوعية معينة من المعلومات.
الفنان جوليس بريتون و الذي عاش قبل قرنين ترك عدد من اللوحات التي يجسد فيها طبيعة حياة الشعب الفرنسي في هذه الحقب الزمنيه و طبيعة الاعمال التي كان يستدر منها الانسان الفرنسي دخله و كذلك شكل ملابسه و بيته و بيئته علي وجهالعموم ،باختصار نستطيع ان نعتمد علي لوحاته في تحديد كل ما يتعلق بثقافة عصره و كذلك الكثير من الفنانين الذين عرفوا طبيعة الفن باعتباره وعاء يمكن حفظ ثقافة المجتمع فيه.
في اللوحه نري سيده عامله فرنسيه!!بالطبع هي ليست كفرنسيات العصر الحديث الشقراوات المغريات،بل هي امراه كادحه فقيره فلاحه مثل مصريات العصر الحالي لكنها تختلف تماما عن بنات بلدها العصريات.
فلاحه فرنسيه ملابسها بالطبع هي ملابس ذلك العصر و التي لو خرجت بها فرنسيه هذه الايام الي الشارع لعدت من بنات العالم الثالث لانها تعتبر قريبه جدا منهن الان و لا تمت بصله الي فرنسيات عصرنا.ملابس فتاه مكونه من عدة طبقات لا جمال فيها بل هي فقط لستر البدن بتفصيل و الوان لا ذوق فيها بمقاييس اللحظة الانيه.
عملها هو جمع القش و التبن من الحقول و تخزينها باجر يعطيه لها اصحاب الارص،و هي مهنة اساسيه في مجتمع نمطه الحضاري يعتمد علي الزراعه قبل ان تسود فرنسا عصر الثورة الصناعية

الوان اللوحة لا تعليق سلبي عليها فالاضاءه بمصدرها الجانبي الامامي تضيء نصف وجه الفتاه و ما ظهر من بدنها و القت بظلالها علي الارض فابرزت جسدها في اللوحه ،لكن اقتراب لون ملابسها من لون الارض و ان كان داكن جدا عنها الا انها جعلت الفتاه جزء من التكوين العام من الناحية اللونيه و كذلك من الناحية الوظيفية فالارضية بصخورها المخضره و النباتات المنتشره توحي بالطبيعة الزراعية للمكان و تعرف بان الفلاحة في موقع عملها القريب من مصدر للمياه و كذلك نري ان العامله تمسك بادوات عملها و فيها ما يشبه المغزل ،و لنا ان نسال:من اي مصدر كنا سنعرف ادوات عمل هذه المراة و كيفية ممارستها لعملها و شكل ملابسها الا من خلال مصدر بصري لللمعلومات؟تلك هي وظيفة الفن او احدي وظائفه.حفظ التراث الماضي من الضياع.
تنظر الفتاة بتامل و عمق امامها و كانها تنظر الي شيء غير مرئي!!شيء بعيد عن عيون الناظرين ،كانها تنظر الي المستقبل المامول الذي تنتظره و تتمني ان تعلو فيه حياتها بعيدا عن هذا الواقع الغير مريح. تري هل لو عادت هذه اسيدة حيه الي بلادها الان،هل ستستطيع التعرف علي بنات جنسيتها بصورتهن الجديدة و هل ستقبلها فتيات العصر الحديث ام انها ستكون منبوذه باعتبارها من بنات العالم الثالث !! و هل نعتبر ان بنات جنسيتها حققن الان ما كانت تتمناه منذ قرنين من الزمان؟