Tuesday, August 4, 2009

ذات الرداء الوردي


جميلة بردائها الوردي
من لوحات جيوفاني بولديني
..................................

للفنان جيوفاني بولديني اسلوبه الخاص المميز في ابداع لوحاته .فنشاته في ايطاليا موطن الموضه في الازياء و الذوق الفني في الملابس اثر فيه و لا شك و ساهم في تكوينه الفني.فالفنان اثر ان يهتم بما اشتهرت به بلاده من ثراء في ذوق نسائهم الفني في اختيار الملابس.
في لوحاته نشاهد نساء ايطاليا في كامل بهائهن و زينتهن بملابس مختلفه بتصميمات مختلفه و الوان مختلفة ،و الجامع المشترك بينها انها تدل علي ذوق فني عال في الاختيار ،و تدل ايضا علي ان شخصيات لوحاته دائما من طبقة راقية يدل علي ذلك ايضا ديكورات و اثاثات المنازل التي يرسمهن داخلها.
في هذه اللوحة رسم بولديني امراة في بداية الاربعينيات من العمر تجلس علي اريكة وردية اللون و ترتدي ملابس وردية اللون ايضا و علي رجلها فراء ابيض ناعم الملمس و كذلك نجد في كل اللوحه الملمس الناعم فقط و كانه اراد ان يبث النعومه في كل تكوين اللوحه بغرض اظهار ثراء صاحبة اللوحه و كثرة النعم التي تعيش فيها .و من النعم الكثيرة في المعيشة اتت النعومه الكثيره في اللوحة ،فظهرت بهذا المستوي الجمالي الذي نراه .
الملمس الناعم في ارجاء اللوحة ابدعه الفنان ببراعه فائقه باستخدام ضربات فرشاة رقيقه و بنعومة شديده لانتاج الاثر الحريري في الملابس و الاريكة ،و كذلك الفراء.الا انه استخدم ضربات فرشاة خشنة و بسرعة في انتاج لون الارض و الحائط تحت و خلف المراه و ما بين الخشونه و النعومة تناقض في الملامس يثري العمل الفني كما ان التناسب بين الوانها يزيدها انسجاما من الناحية اللونية .
من الناحية التشكيلية نري ان الاريكة تتوسط اللوحه و تشطرها عرضيا الي شطرين متماثلين تقريبا و نري المراة تتوسط الاريكة تقريبا مع ميل قليل الي جهة اليسار ،أي انها ايضا تكاد تشطر اللوحة طوليا الي شطرين اخرين بحيث تكاد المراة تشكل مع الاريكة علامة "زائد"الحسابية و كانت ستكون اوضح لولا الفراء و طول الفستان الذي ترتديه و ميلها الي اليسار كما قلنا.و اعتقد ان هذا الخلل في هذا الانضباط يفيد اللوحه و لا يضرها حيث ابتعد الفنان بهذه الحركة عن الملل و التناظر "السيمترية"بين اجزاء اللوحة و جعل فيها ما حالة حركة بدلا من السكون الذي كان سينتج عن التناظر التام بين اجزاء اللوحة.
نري المراة في وضعيتها و كانها تهم بالحركة و كثرة الخطوط المنحنية في ردائها خاصة الجزء في الركن الاسفل يسار اللوحة ؛توحي بحركة ناجمة عن محاولات ضبط المراة جلستها كي تتخذ افضل وضعية ممكنه امام الفنان.و هذه الحركة الكامنة في اللوحة رغم كونها مجموعة اشكال و الوان جعل المراة في اللوحه و كانها في حالة طاقة وضع كالتي خلف السدود و كمون الحركة في السكون الظاهر يدل علي عبقرية الفنان الحقيقيه.اذ جعل الساكن يوحي برغبته في الحركة.
ملامح المراة تبدو ودودة ،ليست كالنساء الثريات التي تري احداهن فتصيبك بالصدود النفسي الناتج عن شعورك بتعاليهن و غرورهن.لكن هنا امراه تبدو و علي رغم ثرائها قريبة جدا من نفس المتامل و كانها تخاطبه مع غربته عنها و كانها تدعوه الي تعارف يدوم به الود مما يكشف عن نفسيتها الودودة تجاه الناس كافة علي عكس ما نتوقعه في امراه لها مكانتاه المادية و الاجتماعية تجاه عامة الناس ،و انكشاف نفسيتها من خلال ملامحها في لوحة لهو دليل قوي علي عبقرية من ابدع هذه اللوحه بعيدا عن التسطيح الذي نراه في الكثير من مدعي الابداع هذه الايام.