Thursday, May 29, 2008

ارث الشهيد


ارث الشهيد
......................

هو اسم اخترته لهذه اللوحه للفنانه الفلسطينيه تمام الاكحل،زوجة الفنان التشكيلي الفلسطيني اسماعيل شموط.و هي لوحه تعتبر عبقريه في ايحائها التعبيري عن الازمه الفلسطينيه و النكبه التي يعيشها الشعب الفلسطيني منذ ستين سنه.اللوحه تخلو تماما من اي خلفيه للمشهد الوحيد بها ،حيث نري طفلا فلسطينيا يحمل جثة والده البيضاء العاريه الطويله والثقيله جدا علي قدرة طفل علي الحمل في لوحه بلا خلفيه و لا ارضيه!! و كونها بلا ارضيه و لا خلفيه يعطي دلالات سنوضحها تباعا.
طفل صغير ،حدث ينوء بحمل ؛ما هو هذا الحمل؟هو ليس بحمل عمل او هموم اسره او ام مريضه يعولها كاي طفل بائس ..بل هي احمال اثقل و اشد وطاه من النواحي الانسانيه المختلفه،فهي ثقيلة علي بدنه و نفسه و روحه،فالاب ثقيل علي البدن ،و موته ثقيل علي النفس و ارثه و هو الثار ثقيل علي الروح،و هكذا لم يترك الاحتلال فرصه لهذا الطفل كي يحيا حياة بائسه كاي طفل فقير ،بل حمله الاحتلال بهموم روحيه ثقيله ينوء بها كاهل الكبار فما بالنا بالصغار ؟طفل صغير نتوقع له ان ينوء ظهره بحمل حقيبة مدرسية ثقيله فاذا بنا نراه يحمل جثة والده الثقيله
جثه طويله تتدلي اقدامها و زراعيها من امام و خلف الطفل الذي يحاول جاهدا ان يستجمع قواه كي يسيطر علي جثة ابيه مطوقا اياه بزراعيه ووجهه يحمل ملامح فزع و رعب من ماضيه المرعب الذي يسيطر علي حاضره المفزع و الذي يسيطر بدوره علي مستقبله و مستقبل وطنه
لحظه حاضره يتعرض لها كل طفل في فلسطين ،فقد ياتي الدور علي كل واحد منهم فيكلف بحمل جثة والده و تبعات حمل الجثه ايضا
ما اثقل هذه المهمه علي بدنه و نفسه و روحه!!!؟
عيناه تبدوان كانهما تشكلتا بشكل جديد غير كل العيون التي نعرفها !!فهذه العيون لم تعودان كعيني اي طفل !!و كانهما اكتسبتا شكلا و قدرة جديده!!كانهما تستطيعان النظر في كل انحاء الدنيا و في كل الوجوه في لمحة واحده
ينظر الطفل و كانه ينظر الي التاريخ ،الي الزمن الممتد، الي الابد السحيق في قدمه و الي المستقبل البعيد في غوره ،كانه ينظر لي و لك و لكل الناس محاولا شرح همه ، لا بل هو لا يحاول ان يشرح شيء !!فقد سام الشرح و الشكوي

جثة ابيه البيضاء النقيه بطولها المفرط توضح صفاء و نقاء قلب الشهيد و جثمانه،و عريها يدل علي سلامة النيه و القصد ،بان الشهادة كانت هي الهدف،الاخره لا الدنيا.و عدم وجود خلفيه و لا ارضيه للوحه ربما توضحان حالة التيه التي يعيشها الطفل في هذه اللحظه،فهو في حالة لا يعرف فيها ارضا يدوسها و يمشي عليها !!فقد سلب الاعداء ارضه و سلب داره و كل شيء حوله و تركه هائما لا يعرف له مصيرا ،تركه يحمل جثة ابيه الي الفراغ الكوني المحيط به من كل جانب
اللون الازرق في الخلفيه يعتبر اختيار موفق جدا،فهو لون الافق و اختياره يعطي احساس بالاتساع المحيط بالطفل و الهوة السحيقه التي يتجه اليها،و لو كان اختار الاسود مكانه لاشعرنا بالانغلاق و ضيق المكان و الاحمر مثلا لا يعتبر ذو قيمة تعبيريه هنا و لا الاصفر او الاخضر ،فافضل لونين للخلفيه هما الاسود و الازرق و الازرق افضل
اللوحه تحمل هما كبيرا رسمته الفنانه باقتدار وضحت فيه هم الطفل الفلسطيني و هو الهم الذي يرثه الطفل و يحمله طول عمره محاولا ترجمته في انتقام و ثار ممن حملوه هذا الهم

.............................................................................
كتبها ذو النون المصري
تابعوا ما نكتبه علي مدونة فلسفة حياة و ذو النون المصري
.....................

9 comments:

Moh'd Shaltaf said...

كأنك تقرأ أفكاري بدقة

تعبر هذه اللوحة بنجاح منقطع النظير عن الهم والألم الذي يعانيه الطفل الفلسطيني وكل مشرد من وطنه في هذا العالم القاسي

كلما نظرت اليها جذبتني تلك النظرة الحزينة في عيني ذلك الطفل وكأنهما مركز اللوحة...وربما كانا كذلك

تحليلك لألوان الخلفية يوضح ذلك الفراغ الهائل الذي نشعر بامتداده خلف الطفل

بقي أن أشير الى أن النقاد احتاروا في سبب اطالة الفنان لقدمي الرجل الميت ورسمها بهذه الطريقة أمام الطفل وكأنهما تعيقان تقدمه واستمرار مسيره...هل قصدت أن حالنا ميؤوس منه لهذه الدرجة؟
وباعتقادي أن الفنانة قصدت تصوير صعوبة وقسوة الوضع الراهن على الأجيال الجديدة من أبناء فلسطين فهي نقل صادق للواقع دون ان تقصد اليأس

أشكرك على اضافة هذه اللوحة وعلى شرحك الجميل عنها

قوس قزح said...

لوحة جميلة فعلا

عيون الطفل فيها معبرة اوى عن تقل حمله و نظرته فيها استغاثة لمساعدته فى دفن الشهيد

و عدم وجود ارضية للوحة بيعبر عن عدم وجود ارض للشهيد و طفله

انا بحس وانا فى مدونتك دى انى بعمل عملية تجديد للروية و ربط ما تراه العين بالعقل

تحياتى لك

مروى said...

مدونة من اجمل مارأيت
اللوحة غاية فى الروعة وقوة التعبير كما ان الوانها رائعة
اختيار الطفل اختيار مؤثر خصوصا انه ينوء بحمل جسد ميت
برأيي تصلح هذه اللوحة للتعبير عن نكبة الحروب فى اى مكان او زمان فالاطفال هم اكثر من يعانون
شكرا لك

ذو النون المصري said...

ا محمد شلطف
سعيد جدا بمداخلتك و تعليقك الذي يثري المدونه بلا شك
و سعيد جدا باضافتك لبعض المعلومات
تحياتي

ذو النون المصري said...

قوس قزح
انا سعيد ان مدونتي في نظرك مختلفه عن باقي المدونات
و سعيد ان الشرح للوحه اعجبك و اتمني دوام المشاركه
تحياتي

ذو النون المصري said...

مروي
سعيد جدا ان اللوحه نالت اعجابك و ان المدونه كذلك مما اعجبك
تحياتي

Anonymous said...

مؤذيه جداااااا اللوحه دي و ان كانت خاصه بحاله اطفال فلسطينممكن تكون حال لناس كبيره و ناضجه حياتهم شيلتهم مشاكل مش عارفين يتعاموا معاها لمستني جدا و تحليلك الحيادي عبقري انا بحب جدا تعليقاتك علي اللوحه بحس انها اللوحه في كلمات

شكرا ربنا يجازيك خير علي مدونه من اجمل اجمل اجمل ما يمكن ان يكون حستني فان جوغ حبيبي طمعانه فى كرمك بقي

ذو النون المصري said...

ايمان
اشكرك جدا عليالتعليق
و تحت امرك
هشرح لك لوحات فان جوخ
تحياتي

Anonymous said...

~.....................................................