Thursday, May 29, 2008

ارث الشهيد


ارث الشهيد
......................

هو اسم اخترته لهذه اللوحه للفنانه الفلسطينيه تمام الاكحل،زوجة الفنان التشكيلي الفلسطيني اسماعيل شموط.و هي لوحه تعتبر عبقريه في ايحائها التعبيري عن الازمه الفلسطينيه و النكبه التي يعيشها الشعب الفلسطيني منذ ستين سنه.اللوحه تخلو تماما من اي خلفيه للمشهد الوحيد بها ،حيث نري طفلا فلسطينيا يحمل جثة والده البيضاء العاريه الطويله والثقيله جدا علي قدرة طفل علي الحمل في لوحه بلا خلفيه و لا ارضيه!! و كونها بلا ارضيه و لا خلفيه يعطي دلالات سنوضحها تباعا.
طفل صغير ،حدث ينوء بحمل ؛ما هو هذا الحمل؟هو ليس بحمل عمل او هموم اسره او ام مريضه يعولها كاي طفل بائس ..بل هي احمال اثقل و اشد وطاه من النواحي الانسانيه المختلفه،فهي ثقيلة علي بدنه و نفسه و روحه،فالاب ثقيل علي البدن ،و موته ثقيل علي النفس و ارثه و هو الثار ثقيل علي الروح،و هكذا لم يترك الاحتلال فرصه لهذا الطفل كي يحيا حياة بائسه كاي طفل فقير ،بل حمله الاحتلال بهموم روحيه ثقيله ينوء بها كاهل الكبار فما بالنا بالصغار ؟طفل صغير نتوقع له ان ينوء ظهره بحمل حقيبة مدرسية ثقيله فاذا بنا نراه يحمل جثة والده الثقيله
جثه طويله تتدلي اقدامها و زراعيها من امام و خلف الطفل الذي يحاول جاهدا ان يستجمع قواه كي يسيطر علي جثة ابيه مطوقا اياه بزراعيه ووجهه يحمل ملامح فزع و رعب من ماضيه المرعب الذي يسيطر علي حاضره المفزع و الذي يسيطر بدوره علي مستقبله و مستقبل وطنه
لحظه حاضره يتعرض لها كل طفل في فلسطين ،فقد ياتي الدور علي كل واحد منهم فيكلف بحمل جثة والده و تبعات حمل الجثه ايضا
ما اثقل هذه المهمه علي بدنه و نفسه و روحه!!!؟
عيناه تبدوان كانهما تشكلتا بشكل جديد غير كل العيون التي نعرفها !!فهذه العيون لم تعودان كعيني اي طفل !!و كانهما اكتسبتا شكلا و قدرة جديده!!كانهما تستطيعان النظر في كل انحاء الدنيا و في كل الوجوه في لمحة واحده
ينظر الطفل و كانه ينظر الي التاريخ ،الي الزمن الممتد، الي الابد السحيق في قدمه و الي المستقبل البعيد في غوره ،كانه ينظر لي و لك و لكل الناس محاولا شرح همه ، لا بل هو لا يحاول ان يشرح شيء !!فقد سام الشرح و الشكوي

جثة ابيه البيضاء النقيه بطولها المفرط توضح صفاء و نقاء قلب الشهيد و جثمانه،و عريها يدل علي سلامة النيه و القصد ،بان الشهادة كانت هي الهدف،الاخره لا الدنيا.و عدم وجود خلفيه و لا ارضيه للوحه ربما توضحان حالة التيه التي يعيشها الطفل في هذه اللحظه،فهو في حالة لا يعرف فيها ارضا يدوسها و يمشي عليها !!فقد سلب الاعداء ارضه و سلب داره و كل شيء حوله و تركه هائما لا يعرف له مصيرا ،تركه يحمل جثة ابيه الي الفراغ الكوني المحيط به من كل جانب
اللون الازرق في الخلفيه يعتبر اختيار موفق جدا،فهو لون الافق و اختياره يعطي احساس بالاتساع المحيط بالطفل و الهوة السحيقه التي يتجه اليها،و لو كان اختار الاسود مكانه لاشعرنا بالانغلاق و ضيق المكان و الاحمر مثلا لا يعتبر ذو قيمة تعبيريه هنا و لا الاصفر او الاخضر ،فافضل لونين للخلفيه هما الاسود و الازرق و الازرق افضل
اللوحه تحمل هما كبيرا رسمته الفنانه باقتدار وضحت فيه هم الطفل الفلسطيني و هو الهم الذي يرثه الطفل و يحمله طول عمره محاولا ترجمته في انتقام و ثار ممن حملوه هذا الهم

.............................................................................
كتبها ذو النون المصري
تابعوا ما نكتبه علي مدونة فلسفة حياة و ذو النون المصري
.....................

Monday, May 19, 2008

حرب الحجاره


حرب الحجاره
..............................
لوحه من لوحات الفنان السعودي ابراهيم الزيكان نو قد سبق لنا شرح ثلاثه من لوحاته من قبل هي لوحة البرق و باب الحرم و الواحه و هي لوحات استمد موضوعاتها من البيئه المحيطه ،فلوحة البرق عن الصحراء و طبيعتها الليليه و لوحة باب الحرم عن مكه وماذنها و الواحه ايضا عن الصحراء ،و لوحته الجديده هذه هي عن اهم القضايا العربيه في العصر الحديث
،.حرب الحجاره كما هو واضح من رسمها و اسمها ،هي لوحه عن الحرب الدائره الان في فلسطين و التي تحل ذكراها الستين هذه الايام.هي الحرب التي قابل فيها الاطفال القنابل بقطع الحجاره تضمها ايديهم الصغيره
اللوحه عباره عن اربع ازرع ملتفه حول بعضها في حالة تضامن وجداني واضحه و في خلفيتها الكره الارضيه الزرقاء اللون في مشهدها الفضائي و تنطلق خلف هذه الازرع شرارات البرق ،بينما تلتف افعي حول الازرع القابضه علي الحجاره و يقبع راس الافعي في خوذه عسكريه علي ارض اللوحه
الان اللوحه عاديه من ناحية مستواها اذ اتخذ الفنان اللون الطبيعي علي اصله دون ابداء اي مهارات استثنائيه كما في لوحات اخري له لكن نحمد له دقة تلوينه للكره الارضيه و شرارات البرق ،اما الازرع فهي رغم جودتها الا انها عاديه و كذلك الخوذه و الثعبان
بالنسبه للمعني الكامن خلف الرسم فان الفنان قد نجح في نقل معاني عميقه في رسم بسيط!! فالتفاف الازرع الاربعه بهذه الصوره في تشكيل يشبه الساقيه التي يروي بها الفلاحون الارض، قد جعل منها ساقيه اخري من الازرع الا انها لا تروي الارض ماءا كما في سساقية الحقل!!بل تروي الروح حرية و عزه و كرامه و.
و كما تجعل ساقية الحقل للحياة منظر نتعب لاجله ،فان ساقية الحريه تعطي للحياة معني نكافح لاجلهنو كما تلتف الحشائش الضاره بتروس ساقية الحقل فان افعي العدو تحاول الالتفاف حول ساقية الحريه محاولة تعطيلها باي ثمن
يتمثل نجاح الفنان في اختيار شكل الساقيه ايضا في نقطه هامه،اذ هو اوحي لمشاهد اللوحه و قارئها حالة الاستمراريه في الدوران لهذه الساقيه اذ ان شكلها الملتف حول نفيه في هيئة دائريه يوحي بان قذف الحجاره لن ينتهي ابدا و لن يتوقف دوران ساقية الحرية تلك ابدا طالما هناك احتلال و هي لفته مميزه فعلا تدل علي تميز الفنان و حجسن تصرفه و تفكيره الدقيق
كما ان العضلات المشدوده توحي بان الحجاره تنطلق من هذه الازرع كالقذائف بقوة شديده ،ووجود الثعبان و راسه تحت الخوذه ارشاد لمكان العدو و تدليل عليه اذ هو بلا شك ممثل دولة العدو و هو الجندي الاسرائيلي
ربما يتساءل البعض عن نجمة داود و لماذا لم يضعها الفنان علي الخوذه ،الجواب هو ان الفن يسعي الي ان يكون عاما لا خاصا ، اي ان يعبر عن قضايا الانسان بصوره عامه لذلك فالفنانين دائما ما يبتعدون عن اي علامات قد توحي بمحدودية موضوع لوحاتهم حتي يتركوا فرصة للثقافات الاخري حرية تفسيرها حسب مشكلاتهم و اوضاعهم الخاصه
...........................
كتبها ذو النون المصري
.......................

Sunday, May 18, 2008

امراه خارجه من الحمام


امراه خارجه من الحمام
هي من لوحات الفنان روبرت هال ايفيس ،و التي تتميز بعدد من المميزات التعبيريه القويه التي تدل علي براعة الفنان في اختيار مجموعاته اللونيه و دقته في الحفاظ علي نسب الجسم البشري و اخراج القيم التعبيريه من ملامحه البسيطه حتي لكانه جسم اخر غير الذي اعتدنا علي رؤيته و كذلك نراه يرسم امراه عاريه الا ان عريها ليس هو الشيء الذي يخطر لنا علي بال
امراه عاريه جميله لكن ليس ما يلفت نظرنا الي جمالها هو ذلك الشيء الذي يلفتنا الي اي امراه عاريه !!بل ما يلفتنا اليها هو هذا التكوين التشكيلي و هذا التوزيع اللوني الدقيق و الذي استخدم فيه الفنان لون واحد بدرجاته استخداما بلغت فيه البراعه اقصي مداها
في اللوحه نري سيده تنحني ماسكة ملابسها لارتدائها و خلفها مراة و امامها جزء من كرسي خاص بالمراه في صوره تقليديه لغرفة نوم عاديه يغمرها ضوء خافت حول كل محتويات الغرفه الي اللون البني بدرجاته المختلفه
اللون البني بدرجاته الكثيره يسيطر تماما علي اللوحه كامله الا من اللون الابيض الضئيل المساحه في ملابسها التي ترتديها
الضوء الساقط علي المراه مصدره الجانب الايسر من اللوحه عن يمين المراه من اسفل ،حيث يضيء زراعها الايمن بسطوع واضح و كذلك الجزء الظاهر من فخذها الايسر ،بينما تقل الاضاءه علي ظهرها و زراعها البعيد عن واجهة اللوحه و كذلك الساقين
نري ايضا في اللوحه اهتمام الفنان بالظلال القويه الناتجه عن الضوء الساطع ذو المصدر الواحد حيث نري ظلال الزراع علي الساقين و كذلك ظلال الراس علي الكتف و الثدي الايسر و الذي تخفيه الظلال تماما
خلفية اللوحه غامقه تماما بخلاف الحائط الذي يضيؤه مصدرالضوء الوحيد في اللوحه ، حيث يتخذ نفس الوان اللوحه و بالرغم من كونه من نفس المجموعه اللونيه الا ان الشكل لا يتماهي في الارضيه و نري ان جسم المراه من ناحية ظهرها ينفصل انفصالا رقيقا بظلال يسقطها جسمها علي الحائط و هذهالظلال من رقتها لا تكاد تري و كذلك يفصل جسدها عن الحائط التدرج البطيء جدا في الوان ظهرها و الذي اتاح الفرصه لانهاء التدرج بخط غامق رقيق احدث هذا الانفصال و منع تماهي ظهرها في الحائط بسبب تشابه اللونين

، و نري الارض في اللوحه باللون البني المحروق القريب من السواد لملا ارض اللوحه كامله و يغطي جزء من اساس الغرفه و نتج ذلك عن الاضاءه الاتيه من اسفل الي اعلي ، حيث لم يتمكن الضوء من الوصول لاسفل اللوحه بينما وصل الي الحائط في اضاءه خافته
في المراه نري انعكاس لجسد المراه لا يكاد تتضح تفاصيله الا انه اوضح اهتمام الفنان بالدقه حتي في ادق التفاصيل حتي اننا نري انعكاسات الوان الغرفه في المراه بدقه
اللوحه بالرغم من تكوينها البسيط جدا و عدم وجود موضوع واضح يمكن ان نقراه في اللوحه الا انها تتميز بجمال واضح في بساطة تكوينها التشكيلي و كذلك بساطة الوانها و الهدوء و السكون و الصمت الذي يعم جنباتها و اجوائها فلا نشعر فيها باي حركه و لا اي همسه الا هسيس ملابس المراه اثناء ارتدائها له و كذلك نكاد نشعر بدفء الماء الساخن و نكاد نشم بخار ماءالاستحمام من خلال رؤيتنا للوحه و يساعد اللون البني المسيطر علي اللوحه علي الشعور بدفء المكان حيث تخلو اللوحه تماما من الالوان البارده ،و معلوم بان البني لون محايد لا هو ساخن و لا بارد ،الا انه يفقد حيدته باضافة الوان اخري له و نري هنا ان اللون المضاف غالبا هو الاصفر و بعض الاحمر مما حول اللوحه كامله الي الالوان الساخنه لكن سخنه قريبه من الحياد الملائم لدفء ماء و بخار ماء الاستحمام لا سخونة الصحراء او النار مثلا
باختصار اللوحه تعتبر من روائع الفن نظرا لدقتها المتناهيه و كم الاحاسيس المختلفه التي ينقله لنا مشهدها الشديدالبساطه
.........................
كتبها ذو النون المصري
.............

Saturday, May 10, 2008

امراه تحتضر



امراه تموت
لوحه من روائع بيكاسو الواقعيه ، حيث التزم في مرحله من مراحل نموه الفنيه بالفن الواقعي حيث التسجيل الامين للواقع دون حزف او اضافه الا ما يقتضيه العمل الفني ، و من لوحات هذه المرحله هذه اللوحه المميزه لبيكاسو
في اللوحه نري سيده في منتصف العمر في حالة احتضار ، و بجوارها الطبيب ممسكا بيدها اليسري القريبه من نبض القلب محاولا حساب نبضها و مدي خرقه للمعدل الطبيعي في محاوله للاطمئنان عليها ، لكنه يبدو في حالة قريبه من الياس من تحسن حالتها و هذا الياس يبدو واضحا من خلال وجومه و حزنه و اختفاء عينيه بين حواجبه تماما بسبب التقطيبه الواضحه علي وجهه
و في الناحيه الاخري تقف الراهبه خادمة الكنيسه بملابسها الكهنوتيه الرسميه حاملة الطفل ..ابن المراه التي تحتضر محاولة تخفيف الامه بفقد امه الوشيكو تخفيف الامها هي الاخري خوفا علي مستقبل هذا الرضيع ووقوف الراهبه في هذا الموقف يوضح لنا بعض طقوس و معتقدات المسيحيين عند موافاة الاجل و اقتراب موعد الموت بينما نري طفل المراه المريضه علي ذراع الراهبه يراقب الموقف في حالة رهبه و تعجب من الغرباء في بيتهم و استغراب لاقتراب امه من الموت الذي لا يفهم عنه اي شيء
الغرفه التي تحوي هذا المشهد بسيطه وواضح انها لاسرة فقيره تماما حيث الطلاءات الحائطيه لا لمعان فيها وضربات الفرشاة علي الحوائط كانت اقرب الي اللطش منها الي التلوين حيث كان الاهمال في تلوينها و تنميقها ذو دلاله علي المستوي الاقتصادي لاهل الغرفه.و كذلك شباك الغرفه الوحيد و الذي نزلت من اسفله بعض خيوط الوساخات المتجمعه علي حوافه قبل سقوط المطر حولها المطر الي خيوط من الوساخات الملتصقه في لون الحائط بعد تسربه من فتحات الشباك كحال بيوت الفقراء في فصل المطر في كل مكان
فقر اخر في الغرفه هو فقر الاكسسوارات التي تزين الحوائط ،حيث لا يوجد بها الا قطعه فنيه واحده و هي علي فقرها الفني الا ان موضعها فوق راس المحتضره يعتبر موقع فني مميز احدث اتزانا مع موقع الشباك !فلو افترضنا مثلا انه رسمه فوق راس الراهبه لاحدث خللا فنيا لوجود حائط مشغول عن اخره بشباك و قطعه فنيه بينما هناك حائط اخر فارغ تماما
من علامات الفقر الاخري ،ذلك الدولاب الذي لا يظهر منه سوي جانب مظلم منه كسر الضوءو القي بظلاله علي جدار الغرفه الكئيبه ،و يكمل منظومة الفقر في الغرفه هذا السرير و تلك الاغطيه علي المراه ،فكل شيء هنا يقول انه الفقر و المرض بخلاف ملابس الطفل الذي تحمل الراهبه و الذي يبدون ان لا احد له يهتم به او يرعاه
الوان ا للوحه كانت معبره تماما عن موضوعها ، من حيث اختيار الوان باهته للدلاله علي حياة باهته يعيشها افراد هذه الغرفه او هي حياة في طريقها الي الزوال ،فالوان الحائط و السرير و ملابس المراه و الطفل _و التي تكاد تكون وساخات لا الوان_ تقترب من بعضها بشده و الوان ملابس الطبيب و الراهبه و الدولاب ايضا و كذلك الوان الشباك و اللوحه الحائطيه و الارضيات كلها بلون اخر
اذن فالفنان هنا اعتمد علي اقل الوان ممكنه لانهاء اللوحه كامله باعتبار ان حياة الفقراء قليلة الالوان ، سواء الالوان الطبيعيه بمعناها الصريح او معناها المجازي ،و اختار لها الوان بلا حياة كذلك ،اختار الفنان لشحوب المراه نفس اللون الذي اختاره للدلاله علي شحوب سريرها
اختار الفنان اضاءة خافته للوحته و اونها لكذلك في بيوت الفقراء!!و اتت الاضاءه من خلف الدولاب كي يلقي بظلال اخري زياده علي خفتانها مما يلقي باجواء الشحوب و الموت علي كل محتويات الغرفه و اتت تقطيبة الطبيب و وجوم الراهبه و فزع الطفل كي تتمم كابة المشهد كله
اللوحه عن جداره تعتبر من اللوحات النادره التي عبرت عن مشاكل الفقراء و همومهم و لحظات حياتهم الحرجه التي يتسبب فيها الفقر ،فهي مشهد نموزجي لقدرات الفقراء عندما تدهمهم اسوا مصيبه قد تدهم انسان و هي مصيبة مرض الموت ، حيث لا يملك الفقراء تجاهها ان يذهبوا الي المستشفيات للعلاج ، فهم لا يملكون الا ان ياتيهم طبيب الفقراء كي

يقيس النبض و تاتيهم الراهبه كي تخفف عنهم الام الدنيا مع وعد بالنعيم في الاخره
....................................
كتبها ذو النون المصري
...............................

Tuesday, May 6, 2008

الصيف


الصيف
لوحة لجوليس بريتون
............................

في لوحة الصيف كما في لوحة حاملة الماء ،نري اسلوب جوليس بريتون الواقعي التسجيلي واضحا كل الوضوح.ففي الوحه نري فتاه صغيره تجلس في حر الصيف اللافح خلفها نري عيدان القمح و سنابله قد اشتد صفارها و قد انقلب لونها الاخضر اليا للون الذهبي مؤذنة بموعد الحصاد و اوانه، بينما تجلس الفتاة علي ارضية اعلي قليلا من مستوي الحقل المزروع تحت الشمس و قد غطت راسها و رقبتها تماما بغطاء قماش انعكست عليه الوانالحقل الذهبي و اشعة الشمس الحارقه و هي الالوان التي انعكست ايضا علي كل ثيابها
نراها و قد امسكت بيدها عصا طويله تكاد تخرج من جانب اللوحة لطولهاو يبدو انها لهش الطير عن القمح ، واضعة يدها الاخري تحت ذقنها من شدة الملل من طول الجلوس و من الحرو قد اطرقت و بعدت بذهنها عن اللحظة الانيه متفكرة في ما مضي و ربما فيما هو ات
اللون الاصفر يغمر اللوحة كاملة بكل تفاصيلها سواء في لون القمح و سنابله او في لون ملابس الفتاة التي غطاها بعد لونهاا لاصلي اللونالاصفر او حتي لون الارض التي يشارك الاصفر فيها بقدر كبيرو كذلك بشرة الفتاه و ان كانت قليلةالمساحة في اللوحه الا ان ا لاصفر لم يتركها ،و يثتثني من ذلك مساحة صغيره تحت الفتاه يقع ظلها فيها مما منع اللون الاصفر من السادهالكامله علي هذه المساحه الا ان الاصفر يعتبر السيد في هذه اللوحه بلا جدال
تجلس الفتاه في وضع يعتبر انيق جدا يبدي جمال وجهها و زراعيها حيث نري الزراعين ممتلئين و فيهما علامات صحة و حيوية الشباب و كذلك وجهها النضر و يبدو لونه محمر و كذلك الشفتان بلونهما الاحمر ربما من حر الصيف و ربما لسبب اخر من اسباب البنات من مثل سنها ،و كذلك نري ملابسها بالرغم من انها ملابس عمل في الحقل الا انها لا تخلو من اناقه ظاهره ، حيث ترتدي ثيابا فوق ثياب فيبدو من ملابسها اربع قطع باربع الوان مختلفه هي الابيض و هو الزيالداخلي و يبدو منه فقط نصفي الكمين ،و البني و هو ملبس يشبه الصديريه لدي الرجال الا انه مع النساء يبدو انيقا جدا ،و كذلك البيج و هو لون الجيبونه و البنفسجي المائل بشده للزرقه و هو فوق الجيبونه
هذه الالوان مجتمعه مع غطاء الراس البسيط الانيق في نفس الواقت تعطيها اناقه ريفيه واضحه تبين ان الفتاه لا تلبس اعتباطا بل تلبس ما يعطيها اكبر قدر من الاناقه حتي و هي تعمل في الحقل و يبدو انها مخطوبة و تريد ان تحافظ علي خاطبها بكل جهدها فتتجمل و تتانق باربع طبقات ملابس حتي في اشد ايام الصيف حرارة وواضح ان شدة الحر قد اضطرتها الي لم الطبقه البنفسجية و تشميرها كاملة في محاولة لتلطيف الحر
هذه الملابس بهذه الاناقه والتي تبلغ حد التكلف قد تعطينا فكرة واضحة عما يدور في راسها من افكار و ما جعلها تبدو مطرقة مفكرة في مستقبلها ، انها الان تفكر فيما دار بين امها و ابوها من حوار حول زواجها المرتقب و المؤجل لحين بيع محصول العام ، حيث تعتبر بيع المحاصيل هي مصدر زرقهم الوحيد و لذلك ارها الان لا تحرس حقل ابوها بل تحرس حقلها و تحرس مستقبل زيجتها ا لمنتظره و التي تتوقف علي ما ستجود به الارض من اموال ،و من المؤكد ان الافكار محشودة في راسها الان بخصوص هذا الموضوع و بخصوص زوجه الغائب و الذي تكاد افكارها تجسد حضوره في اللوحه و الذي يكاد يري من بين سنابل القمح من شدة حضوره في افكارها
..................................
كتبها ذو النون المصري
..................................

Thursday, May 1, 2008

حاملة الماء


حاملة الماء
لوحة لجوليس بريتون
.............................

الفنان جوليس بريتون هو واحد من الفنانين الكبار الذين يغلب علي اعمالهم الطابع التسجيلي للحياة اليوميه للفلاحين و بسطاء الناس و العمال ،و يغلب علي اعماله كذلك الاسلوب الواقعي في التسجيل ، حيث يميل الي اثبات الواقع كما هو دون اي تغييرات او اضافات فنيه .
و بالرغم من غلبة الاسلوب التسجيلي علي اعماله الا انه يتميز بالنفاذ الي اعماق الشخصيات التي اهتم بالتعبير عنها ، فلم يقتصر علي رسم ظاهر الشخصيه بل نفذ الي اعماقها النفسيه مصورا احلامها و امالها و الامها و طموحاتها ، كل ذلك نراه في وجه شخصياته من مجرد التامل في ملامحها الظاهره ، سواء ملامح الوجه او الوقفه او الحركه ، او احتي الوانها المفضله في اللوحه.
لكل ذلك نري ان الفنان جوليس بريتون قد ابدع خارج مجال التسجيل البصري الي مجال التسجيل النفسي ،من تسجيل الصورة الظاهره الي تسجيل الصورة النفسية الباطنه ،و هي قدرة قلما تتاتي لفنان ،و قد حازها الفنان جوليس بريتون بمهاره فائقه تحسب له
لوحة حاملة الماء هي من اهم ما ابدع جوليس بريتون ،ففيها نري سيدة في اربعينيات العمر تحمل جرة فخارية و هي جالسة قابضة علي الجرة بكلتا يديها و تنظر الي بعيد بعينين تنظران لا نحو الامام مثل كل العيون!!بل تنظران مرة نحو الداخل، نحو الماضي و اخري نحو المستقبل.فهي لا تني تفكر فيهما معا في كل حين،و هما شغلها الشاغل في كل مكان ،الماضي و المستقبل ، اما ما يشغل الناس مما يرونه امامها فهي اصلا بعيدة عنه و لا تكاد تراه حتي تفكر فيه،و لا تنخرط فيه اصلا الا بقدر ما يسمح لها بالحياة في هذا الحاضر و يبقي علي حياتها و اسرتها فيه
حاملة الماء ن تعمل بمهنه تهب فيها الحياة و تحافظ عليها في كل مكان ، فمن الماء خلق الله كل شيء حي و هي تقوم علي توزيع سبب الحية بين الناس و تحافظ بهذا العمل علي حياة اسرتها بالرغم من قسوة هذا العمل و احتياجه الي قوة بدنيه و قدره عليالصبر ربما تتجاوز حدود قوة بدن الانثي الا انه لا يتجاوز حدود قوة روحها و قدرتها علي الحمل،حمل الهموم و حمل الحياة سواء في بطنها او علي كتفيها
حاملة الماء تجلس في ارض زراعيه كما نري تحد من اندياحها بعض الاشجارالتي تسد فضاءاللوحه و تمنعه من الانفتاح الكامل بلا حدود حتي الافق ،و تعلو شجرة واحده علي باقي الاشجار في الجانب الايسر من اللوحه و في ذلك منع للرتابه و الاملال الناتج عن التشابه الكامل في الخلفيه
بينما نري السيده في منتصف اللوحة تماما و هو ما يعد عيبا في بعض اللوحات حيث تبدو اللوحة متزنه تماما اذا انقسمت الي نصفين تشكيليين متماثلين ككفتي الميزان المتساويتين ،الا ان الفنان هنا كسر حدة هذا الاتزان بالشجرة المذكوره سابقا فيالخلفيه و كذلك بوضع المراه في هيئة غير متزنه تماما ن فنري السيده تجلس في وضع جانبي لا امامي ،و تحمل في يديها الجرة الفخاريه المرسومه هي الاخري في مسقط جانبي لا توازن(سيميترية) فيه و كذلك وضع يديها يحافظ علي هذه الحالة و كذلك نظرتها الي جانب من اللوحه دون الجانب الاخر ، و نري كذلك ان اللوحه ليست ساكنه تماما كما يبدو للوهلة الاولي ،!فالسيده صدرها او كتفيها محنيان للامام انحاناءة بسيطه تكاد تكون غير محسوسه فتبدو و كانها تهم بالوقوف و الحركه او علي الاقل تهم بتعديل وضع جلوسها، فنري في اللوحه حالة حركه خفيفه هي الاخري كسرت من العيب الذي كان من الممكن ان يقع فيه الفنان الا انه تلافاه ببراعه غير عاديه و بسهوله فائقه
السيده كما قلنا تنظر مره الي الماضي و مره الي المستقبل و تكاد تكون غائبه تماما عن اللحظة الحاضره الا من برهات من الزمن تقضي فيها حوائجها كي تستمر حياتها و اولادها ،فنري في وجهها صلابة اكسبها اياها الواقع الصلب الذي لا يتغير من شدة صلابته ،فتحول وجهها من لين الانثي الي صلابة الفخار تماما كالفخار الذي تحمله بين يديها و كان نار الواقع الذي تعيش فيه تكافيء النار التي احرق فيها الفخار كي يكتسب صلابته ،و من هنا نري ان الفخار في يديها كحامل للماء يساوي تماما المراه التي تحمله كحاملة لطفل جديد تاتي به الي الحياه
انيه فخاريه تحمل ما جعل الله به كل شيء حي ،تحملها امره في صلابة الفخار و مخلوقه من نفس مادته،و تحمل في بطنها المخلوق الحي،و ليس غريبا هنا ان نري المرة و الفخار كلاهما قد لونه الفنان بنفس اللونو كان الاشكال هي التي تختار الوانها بنفسها و ما الفنان الا يد قدرية تقوم فقط علي تنفيذ هذه الاردة العليا
حاملة الماء لوحة رائعه لها بعد فلسفي و ليس ذلك بغريب علي الفنان جوليس بريتون
.................................................
دونها ذو النون المصري
تابعوا ما ندونه في مدونتناالجديده فلسفة حياة
........................................